في أعقاب التعادل اللافت الذي حققه الهلال أمام ريال مدريد بهدف لمثله، لم ينتظر المدير الفني الإيطالي سيموني إنزاغي طويلًا ليتخذ أولى خطواته في سبيل الحفاظ على تركيز الفريق ومواصلة الأداء القوي، حيث أصدر قرارًا فنيًا صارمًا باستئناف التدريبات فور الوصول إلى العاصمة الأمريكية واشنطن.

القرار جاء بعد ساعات قليلة من انتهاء المباراة الودية الكبيرة التي جمعت الهلال ببطل أوروبا، والتي خطف فيها الزعيم السعودي الأضواء بأداء منظم وشجاع، خصوصًا في الشوط الثاني الذي شهد توازنًا لافتًا في السيطرة وصناعة الفرص، ما أكسب الفريق احترام المتابعين قبل انطلاق البطولة رسميًا.

التقارير الصحفية المقربة من بعثة الهلال أكدت أن إنزاغي لم يمنح لاعبيه راحة بعد اللقاء، بل وجّه بمواصلة التدريبات دون توقف فور وصولهم إلى معسكر الفريق في واشنطن، وهو ما يُظهر رغبته الواضحة في تثبيت الإيقاع البدني والذهني قبل المواجهات الحاسمة المقبلة.

بعثة الفريق غادرت مدينة ميامي وسط معنويات مرتفعة بعد الأداء المقنع ضد أحد أقوى فرق العالم، حيث لم يكتفِ الهلال باللعب الدفاعي، بل بادر إلى الهجوم وصناعة الفرص، وهو ما أثار إعجاب النقاد الذين اعتبروا أن الزعيم بات جاهزًا لمقارعة الكبار على الساحة العالمية.

المعسكر الحالي في واشنطن يُعد المرحلة الثانية من استعدادات الهلال ضمن مشاركته في بطولة كأس العالم للأندية، وهو يشكل بيئة مثالية للتركيز والتكتيك، لا سيما في ظل جدول المباريات المضغوط وارتفاع مستوى المنافسين في المجموعة التي تضم ريال مدريد، ريد بول سالزبورغ، وباتشوكا المكسيكي.

ويستعد الفريق حاليًا لخوض المواجهة الثانية في المجموعة ضد ريد بول سالزبورغ فجر يوم الإثنين 23 يونيو، في مباراة يتوقع أن تكون فاصلة في تحديد شكل المنافسة على بطاقة التأهل، بعد أن كسب الفريق نقطة ثمينة من ريال مدريد في المباراة الافتتاحية.

إنزاغي بدا عازمًا على الاستفادة القصوى من فترة التحضير في واشنطن، ووجّه الطاقم الفني إلى مراجعة أداء اللاعبين في المباراة السابقة بدقة، وتحديد نقاط القوة والضعف، مع العمل على إصلاح أي خلل تكتيكي ظهر في مواجهة ريال مدريد، خصوصًا في فترات الضغط العالي التي فرضها الفريق الإسباني.

ومن جانبه، أبدى لاعبو الهلال التزامًا كبيرًا بتوجيهات الجهاز الفني، وسط أجواء إيجابية داخل المعسكر تعكس مدى التجانس بين اللاعبين، إضافة إلى الانضباط الواضح الذي يفرضه إنزاغي، والذي يصفه بعض المراقبين بأنه واحد من أبرز عوامل التحوّل في أداء الفريق خلال الفترة الأخيرة.

الجهاز الطبي للفريق أكد بدوره أن جميع اللاعبين في حالة بدنية جيدة، دون تسجيل أي إصابات مقلقة بعد مواجهة ريال مدريد، وهو ما يمنح إنزاغي حرية أكبر في خيارات التشكيلة للمباراة القادمة، مع احتمال إجراء تعديلات طفيفة وفقًا لطبيعة الخصم.

اللافت أن إنزاغي ركّز خلال حديثه الفني مع اللاعبين على ضرورة احترام الخصم النمساوي وعدم الاستهانة به، رغم فارق الشهرة والنجومية، مؤكدًا أن كرة القدم لا تعترف بالأسماء بل بالعطاء داخل المستطيل الأخضر، ومشيرًا إلى أن التهاون قد يُكلف الفريق غاليًا في مثل هذه البطولات.

وأكدت مصادر من داخل المعسكر أن إنزاغي ينوي الدفع ببعض العناصر التي لم تبدأ المباراة السابقة، في خطوة تهدف إلى تدوير التشكيلة والحفاظ على الجاهزية البدنية لجميع اللاعبين، لا سيما في ظل تقارب مواعيد المباريات خلال دور المجموعات.

من جهة أخرى، حظي الأداء الهلالي أمام ريال مدريد بإشادة واسعة من قبل الجماهير السعودية على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث أشاد كثيرون بالروح القتالية والواقعية الفنية التي ظهرت على أداء الفريق، وطالبوا بمواصلة هذا المستوى حتى تحقيق نتائج تاريخية في البطولة.

وعلى الرغم من أن المواجهة كانت ودية في طابعها، فإن نتيجتها وما تبعها من قرارات فنية تعكس ذهنية تنافسية عالية داخل الفريق، وهو ما يمنح الهلال الأفضلية الذهنية في التحضير لما تبقى من مشوار البطولة، خاصة مع استمرار ارتفاع الثقة بين اللاعبين ومدربهم الجديد.

وبين التحديات الفنية والمواعيد المتقاربة، تبدو خيارات إنزاغي محكومة بدقة التفاصيل، لكن المؤشرات المبكرة تؤكد أن الهلال دخل البطولة بنية المنافسة لا المشاركة فقط، وهو ما يعكسه حرصه على استثمار كل دقيقة من المعسكر الحالي في واشنطن لتحقيق أعلى درجات الجاهزية.