اختراق كاميرات
كاميرات المنازل سلاح جديد: إسرائيل تحذر من تحوّل عدسات المراقبة إلى عيون للاستهداف!
كتب بواسطة: احمد باشا |

في مشهد يعكس التحول الحاد في طبيعة الصراعات الحديثة، تتصاعد المواجهة بين إيران وإسرائيل بعيدًا عن الدخان والدمار الظاهر، حيث بات الفضاء السيبراني ميدانًا متقدمًا للمعركة.

وتكشف الأيام الأخيرة عن حرب من نوع جديد، تعتمد على الكود والخوارزميات بدلًا من الرصاص والدبابات، وسط سباق محموم للسيطرة على البيانات والمعلومات الحيوية.

التقارير الواردة من جهات أمنية وتقنية عدة تؤكد أن الطرفين يستخدمان أساليب إلكترونية متقدمة لتعطيل البنى التحتية، واستهداف الأنظمة المالية، بل وامتدت الجبهة لتشمل حتى كاميرات المراقبة الخاصة.

التي تحولت من أدوات أمن إلى أدوات تجسس ميداني مباشر، الأمر لم يعد يتعلق بالتجسس فقط، بل بتحديد أهداف الضربات وتعزيز فعاليتها.

السلطات الإسرائيلية أعلنت رسميًا أن إيران نجحت في اختراق كاميرات مراقبة خاصة داخل البلاد، وهو تطور وصفه الخبراء بالخطير.

وغير المسبوق، هذه الكاميرات التي كانت توثق لحظة بلحظة ما يجري على الأرض، أصبحت مصدرًا معلوماتيًا مباشرًا بيد الخصم، لتوجيه صواريخ مستقبلية بدقة متناهية.

رفائيل فرانكو، النائب السابق لرئيس هيئة السايبر الوطنية الإسرائيلية، حذر من استمرار هذه المحاولات، داعيًا المواطنين إلى تأمين كاميراتهم من خلال تغيير كلمات المرور وتفعيل المصادقة الثنائية، بل وفصل الكاميرات تمامًا إن اقتضى الأمر.

ومع تكرار هذه الاختراقات، تظهر هشاشة البنية الرقمية المدنية في وجه هجمات سيبرانية موجهة بعناية.

الاختراق الإيراني يعيد إلى الواجهة ممارسات سابقة شبيهة، مثل استخدام حماس لكاميرات المراقبة قبل هجومها في أكتوبر 2023.

أو اعتماد الجيش الروسي على هذه التقنية خلال الحرب على أوكرانيا، وهو ما يؤكد أن الكاميرا لم تعد أداة مراقبة فقط، بل سلاحًا استخباراتيًا يُستخدم في لحظات الحسم.

من جانبها، هيئة السايبر الإسرائيلية أفادت برصد محاولات اختراق جديدة خلال الأيام الأخيرة، لا سيما في مناطق الحدود والمواقع الحساسة.

وما يزيد خطورة الموقف هو أن آلاف الكاميرات ما تزال تعمل بكلمات مرور افتراضية، ما يجعلها أهدافًا سهلة دون عناء كبير من القراصنة.

لكن الحرب السيبرانية لا تسير في اتجاه واحد، فقد أعلنت جماعة اختراق تُدعى "سبارو المفترس"، وتُعرف بولائها لإسرائيل.

مسؤوليتها عن هجوم واسع النطاق على النظام المالي الإيراني، استهدف الهجوم مصرف "سبه" تحديدًا، وسط ادعاءات بتدمير بياناته، دون تعليق رسمي من طهران حتى اللحظة.

في غضون ثلاثة أيام فقط، سجلت إيران أكثر من 6,700 هجوم من نوع حجب الخدمة DDoS، ما اضطر الحكومة إلى اتخاذ إجراء صارم وغير معتاد: حجب شامل ومؤقت للإنترنت والهاتف المحمول في البلاد، خطوة وصفت بأنها دفاعية، لكنها أثارت قلقًا واسعًا بين السكان وحقوقيي الإنترنت.

المثير أن هذا الانقطاع الواسع للاتصالات يعيد إلى الأذهان ما حدث أثناء احتجاجات نوفمبر 2019، حين لجأت السلطات لقطع الإنترنت للسيطرة على الوضع، الآن.

يبدو أن الحرب الرقمية من الخارج هي السبب، لكن النتيجة واحدة: عزلة رقمية شبه تامة للمواطن العادي.

وفي مواجهة هذا الحجب، أعلن إيلون ماسك دخول "ستارلينك" على الخط، مؤكدًا أن أقمار الخدمة بدأت ببث الإنترنت فوق إيران، هذه الخطوة قد تكسر عزلة بعض المناطق، لكنها تضع ماسك في مواجهة مباشرة مع السلطة الإيرانية.

التي بدأت تستخدم الموقف لحظر تطبيقات شهيرة مثل "واتساب"، بزعم تسريب البيانات إلى إسرائيل، وهو ما نفته شركة ميتا بشكل قاطع.

الجبهة الإعلامية لهذه الحرب السيبرانية لا تقل حدة عن ميدانها البرمجي، جماعة "سبارو المفترس" لا تكتفي بالهجوم، بل تصمم على استعراض نتائج عملياتها بتفاصيل مثيرة على منصات مثل "إكس" و"تيليجرام"، في مسعى لبث الرعب النفسي، وإيصال رسائل سياسية وإعلامية إلى الخصوم.

ومن منظور أوسع، يتضح أن هذا الصراع تجاوز الأبعاد العسكرية الكلاسيكية، فالحرب أصبحت تتضمن محاولات لتدمير الثقة بالأنظمة التقنية.

وتقييد الاتصالات، وزعزعة الاستقرار الاقتصادي عبر أدوات غير تقليدية، لكن فعّالة للغاية في عالم اليوم المتصل.

الضربات الصاروخية والغارات الجوية ما تزال حاضرة، وقد أدت بالفعل إلى سقوط قتلى وجرحى من الجانبين.

لكن المتابعين يرون أن أثر الحرب السيبرانية ربما يكون أطول أمدًا، نظرًا لما تحدثه من شلل في مفاصل الدولة الحيوية دون أن تُسمع لها أصوات انفجار أو رائحة بارود.

وفي هذا المناخ، تصبح السيطرة على المعلومة وتدفق البيانات أولوية قصوى، إذ قد تكون الفوارق في المستقبل بين منتصر وخاسر في القدرة على اختراق شبكة أو حجب سيرفر.

لا في عدد الطائرات أو الجنود، هذه ليست مجرد مواجهة رقمية، بل ملامح لحرب المستقبل، التي تُخاض بأدوات الحاضر، ونتائجها تبدأ من الشاشة وتنتهي على الأرض.

الأكثر قراءة
آخر الاخبار