اندلع حريق في أشجار وأعشابٍ بمنطقة جبليةٍ وعراء إلى الشرق من مدينة أبها ظهر اليوم السبت، وفق ما أعلنته المديرية العامة للدفاع المدني عبر منصّة «إكس»، مؤكّدة مباشرة الفرق الميدانية عمليات المكافحة في موقع يصعب الوصول إليه بالآليات الثقيلة نظرًا لطبيعته الوعرة وكثافة الغطاء النباتي فيه.
وأوضحت المديرية أن مركز العمليات تلقّى البلاغ في الساعة الثانية ظهرًا تقريبًا، فتوجّهت وحدات الإطفاء والإسناد من عدة مراكز قريبة، مدعومةً بسيارات تزويد المياه ووحدات الإنقاذ الجبلي، إلى الموقع الذي يعلو نحو ألفي متر فوق سطح البحر ويتميّز بانحدارات حادة تعرقل حركة المركبات.
يأتي الحريق في ظلّ أجواء صيفية جافة تشهدها مرتفعات عسير، حيث تسجِّل درجات الحرارة ارتفاعًا نسبيًّا نهارًا يقابله هبوط حاد ليلًا، ما يزيد من قابلية الأعشاب الجافة للاشتعال ويُصعِّب عمليات الاحتواء السريع للهب عند اندلاعه في ممرات ضيقة بين الجبال.
وأفاد شهود عيان من أهالي القرى القريبة بأن ألسنة اللهب تصاعدت في البداية من منحدر تغطيه شجيرات كثيفة، قبل أن يمتدّ الحريق إلى مساحة أوسع بفعل الرياح الجبلية العابرة للوديان، فيما شوهدت أعمدة الدخان تتصاعد لمسافات كبيرة، محدثةً حالة استنفارٍ بين السكان.
دفعت قيادة الدفاع المدني بتعزيزات إضافية من وحدات الرش المحمولة على الظهر وفرق المشاة المزودة بمضخات مائية خفيفة، مع الاستعانة بجرافات صغيرة لفتح ممرات آمنة تمكّن رجال الإطفاء من الاقتراب تدريجيًّا من بؤر الاشتعال وعزلها عن المساحات الخضراء المجاورة.
وفي تطوّر لاحق، جرى استدعاء طائرة هليكوبتر تابعة لأسطول الأمن العام للمشاركة في عمليات الإخماد عبر الإسقاط المائي، مستهدِفة مواضع يصعب الوصول إليها برّا، فيما أكّد متحدث الدفاع المدني أنّ «الأولويّة القصوى هي منع توسّع الحريق باتجاه التجمعات السكنيّة القريبة».
حتى لحظة إعداد هذا التقرير لم تسجَّل أي إصابات بشريّة أو خسائر في مساكن الأهالي، غير أنّ فرق الإسعاف التابعة لهيئة الهلال الأحمر وُضعت في حالة تأهّب عند مداخل الطرق الجبلية تحسُّبًا لحدوث أي طارئ يستلزم تدخُّلها الفوري.
ولم تُحدَّد بعدُ الأسباب المباشرة وراء اندلاع النيران، إذ يجري مختصّون من قسم التحقيق في الحوادث البيئيّة جمع المعلومات الأوّلية؛ ما بين احتمال شرارة ناتجة عن نشاط بشري عابر، أو تماسات كهربائية لأسلاك إنارة طرق فرعية، أو حتى انعكاس أشعّة الشمس على زجاج مهمل بين الأعشاب.
يُذكر أنّ المنطقة نفسها شهدت خلال الأعوام الثلاثة الأخيرة حرائق موسمية محدودة، كان آخرها في صيف 2024 حينما أتت النيران على نحو عشرة هكتارات من الغطاء النباتي، الأمر الذي دفع السلطات إلى إطلاق حملات توعية واسعة حول مخاطر إشعال النيران العشوائية في مواسم التنزّه.
وأشاد مسؤولو الدفاع المدني بوعي المواطنين بعد أن بادر أحدهم للإبلاغ فور رؤيته الدخان، الأمر الذي مكّن الفرق من الوصول في الدقائق الأولى وتقليل زمن الانتشار، داعين الجميع إلى مواصلة التعاون والإبلاغ عن أيّ مصدر دخان عبر الرقم الموحّد «998».
وتُعدّ سفوح أبها جزءًا من نطاق بيئي ذي أهمية قصوى في منظومة الغطاء الحرجي للمملكة، إذ تضم عشرات الأنواع من الأشجار المحلية كالعَرْعَر والطلح، فضلًا عن ممرّاتٍ آمنة للطيور المهاجرة، ما يجعل خسارة أي مساحة خضراء فيها تؤثر سلبًا على التنوع الحيوي.
وجددت المديرية العامة للدفاع المدني تحذيراتها لمرتادي المناطق الجبلية بضرورة إطفاء مواقد الطهي والشواء كليًّا قبل مغادرة المكان، والتأكد من عدم ترك مواد قابلة للاشتعال، مشددة على تغريم كل من يثبت تسبّبه في حريقٍ بإهمالٍ أو سوء تصرف.
وأشارت الهيئة العامة للأرصاد إلى استمرار الأجواء الجافة وهبوب رياحٍ متقلبة الاتجاه مساء السبت، ما يرفع تصنيف الخطورة من «معتدل» إلى «عالٍ» في مؤشّر حرائق الغابات المحلي، داعية إلى تجنب أية أنشطة قد تؤدي لاشتعالٍ عرضي.
واختُتم البيان الرسمي بالتأكيد على أنّ عمليات الإخماد ستتواصل حتى التأكّد من إخماد آخر بؤرة مشتعلة، مع مباشرة فرق المسح البيئي أعمال التبريد والمراقبة الليلية لضمان عدم تجدد النيران، فيما جدّدت السلطات دعوتها لالتزام أعلى درجات الحيطة واليقظة خلال موسم الصيف.