في ظل تصاعد وتيرة الحرب بين إسرائيل وإيران، شهدت تكاليف شحن النفط عبر مضيق هرمز قفزة غير مسبوقة، ما يعكس حجم القلق الذي يخيّم على أسواق الطاقة العالمية ويعيد إلى الأذهان سيناريوهات التوتر التي تهدد أحد أهم الممرات البحرية في العالم. فقد تضاعفت أجور ناقلات النفط العملاقة التي تنقل الخام من الخليج العربي إلى الصين، في ظرف أيام قليلة فقط.
وبحسب بيانات حديثة صادرة عن شركة "Clarksons Research"، فقد ارتفعت تكلفة تشغيل ناقلة نفط خام عملاقة بسعة مليوني برميل في الرحلة من الخليج إلى الصين، من 19,998 دولارًا يوميًا الأربعاء الماضي، إلى 47,609 دولارات يوم أمس، أي بعد نحو أسبوع من اندلاع المواجهات المباشرة بين طهران وتل أبيب، والتي دخلت يومها السابع وسط توتر دولي متصاعد.
يأتي هذا الارتفاع الكبير في الأسعار نتيجة مخاطر متزايدة على حركة الملاحة في مضيق هرمز، الشريان البحري الذي تمر عبره نحو 20% من شحنات النفط العالمية. ويُعد المضيق نقطة عبور رئيسية لنحو خمس إمدادات الطاقة في العالم، ما يجعل أي تهديد لاستقراره عاملاً ضاغطًا على أسعار الشحن والتأمين، إضافة إلى أسعار النفط ذاتها.
وترافق ذلك مع قفزات في تكلفة التأمين على السفن التي تبحر في الخليج العربي، بعد أن أصبحت هذه المنطقة تحت تهديد مستمر بسبب التوترات العسكرية بين إسرائيل وإيران، وسط حالة من الترقب العالمي لتطورات الموقف، خاصة بعد أن تجنّبت الولايات المتحدة حتى الآن التدخل العسكري المباشر، مكتفيةً ببيانات تحذيرية ورسائل سياسية غامضة.
وفي ظل هذه الأجواء المضطربة، تحبس الأسواق أنفاسها خوفًا من تصعيد قد يشمل استهداف سفن الشحن أو محاولة إيران إغلاق المضيق، وهو السيناريو الذي قد يؤدي إلى شلل جزئي في حركة الإمدادات ويقود إلى ارتفاع حاد في أسعار النفط العالمية، في وقت تُظهر فيه معظم الدول الصناعية هشاشة كبيرة في احتياطاتها الاستراتيجية.
الانعكاسات المحتملة لا تقتصر فقط على دول الخليج أو آسيا، بل تمتد إلى كافة الاقتصادات التي تعتمد على النفط المستورد، ما قد يعيد إشعال دوامة التضخم العالمي ويضع ضغوطًا إضافية على سلاسل الإمداد العالمية، التي لم تتعافَ بعد من آثار الجائحة والأزمات الجيوسياسية المتلاحقة.
وتبقى الأنظار متجهة إلى مضيق هرمز، بوصفه "صمام الطاقة العالمي" الذي لا يحتمل أي انفجار جديد، في وقت تترنح فيه أسواق الطاقة بين التصعيد السياسي والاضطراب البحري.