حماية البيانات
النيابة العامة تطلق تحذيراً حاسماً.. "حماية بياناتك ليست خياراً".. وهذا ما ينتظر منتهكي الخصوصية
كتب بواسطة: سوسن البازل |

في بيان حديث، شددت النيابة العامة في المملكة العربية السعودية على أن حماية البيانات الشخصية تُعد حقاً أصيلاً لكل فرد، وتخضع لتنظيم قانوني صارم يضمن صيانتها وعدم المساس بها، انطلاقاً من مبدأ راسخ يضع الخصوصية في مقدمة الحقوق الفردية التي لا يمكن التهاون بها.

وأكدت النيابة أن حماية البيانات الشخصية ليست خياراً، بل التزام نظامي يقع على عاتق كل من يتعامل مع هذه البيانات، سواء كانوا جهات حكومية أو خاصة، مشيرة إلى أن انتهاك هذا الحق يُعد مخالفة قانونية قد تترتب عليها عقوبات صارمة.

وتعريف البيانات الشخصية كما ورد في النظام يشمل كل ما يمكن من خلاله تحديد هوية الفرد، سواء كان ذلك بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، وهو تعريف واسع يُدرك حجم التهديدات المحتملة ويُؤسس لحماية شاملة للخصوصية.

ومن الأمثلة التي أوردتها النيابة على البيانات المحمية: الأسماء، أرقام الهويات الشخصية، الصور بأنواعها، السجلات الرسمية، عناوين السكن، وأرقام الهواتف، فضلاً عن المعلومات المصرفية كأرقام الحسابات والبطاقات الائتمانية، مما يعكس إدراكاً لحساسية هذه التفاصيل في العصر الرقمي.

النيابة أوضحت كذلك أن الشكل أو الوسيط الذي تُخزن فيه البيانات لا يؤثر في الحماية، فسواء تم تسجيل البيانات في ملفات رقمية أو على ورق، فإنها تظل خاضعة لأحكام الحماية النظامية ما دامت تتصل بهوية الفرد.

ويأتي هذا التأكيد في وقت يشهد فيه العالم تحولات متسارعة على مستوى تقنيات جمع البيانات وتحليلها، الأمر الذي يرفع من ضرورة وجود منظومات تشريعية قادرة على مواكبة هذه التطورات وضمان عدم استخدامها بشكل يضر بالأفراد أو ينتهك خصوصيتهم.

وكانت المملكة قد أقرت نظام حماية البيانات الشخصية في وقت سابق، ضمن جهودها لبناء بيئة رقمية آمنة وثقة عامة في التعاملات الرقمية، وهو ما ينسجم مع مستهدفات رؤية السعودية 2030 في التحول الرقمي.

وفي ظل التوسع في استخدام البيانات من قبل شركات التقنية ومقدمي الخدمات، دعت النيابة العامة إلى اليقظة والحذر، وعدم التهاون في التعامل مع البيانات، لاسيما تلك التي يجري طلبها عبر تطبيقات أو مواقع إلكترونية دون وجود ضمانات واضحة.

كما حذرت النيابة من إفشاء أو تسريب هذه البيانات لأي طرف ثالث دون موافقة صريحة من صاحب البيانات، مؤكدة أن مثل هذه التصرفات تعرض المتسبب للمساءلة القانونية.

وفي هذا السياق، يجدر بالجهات المختلفة اتخاذ الإجراءات اللازمة لحماية قواعد البيانات، بما في ذلك تشفير المعلومات، وتطبيق ضوابط صارمة للوصول، وتدريب الموظفين على التعامل السليم مع البيانات الشخصية.

المواطنون والمقيمون أيضًا يتحملون دوراً في هذه المعادلة، من خلال عدم مشاركة بياناتهم بشكل عشوائي، وتوخي الحذر من الرسائل أو الروابط المشبوهة، والاعتماد على القنوات الرسمية في تقديم المعلومات.

كما أن الحفاظ على سرية البيانات الشخصية لا يقتصر على الجانب الأمني فقط، بل له انعكاسات مباشرة على الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، ويُعزز من احترام الكرامة الإنسانية في الفضاء الرقمي.

وفي عالم يزداد اعتمادًا على التقنية والذكاء الاصطناعي، يصبح من الضروري ترسيخ مفهوم السيادة على البيانات، بحيث يكون للفرد الكلمة الفصل في كيفية استخدام معلوماته ومتى يمكن الإفصاح عنها.

وقد شددت النيابة العامة على أن أنظمتها وتشريعاتها تعمل بشكل تكاملي لحماية البيانات، بما يضمن عدم استخدامها في ممارسات تجارية ضارة، أو في أنشطة تُعرض الأفراد لمخاطر الاحتيال أو الابتزاز.

وأخيرًا، يأتي هذا البيان كتذكير بأن الخصوصية ليست ترفًا قانونيًا، بل ضرورة أمنية وإنسانية في آنٍ معًا، ويعكس التزام الدولة بحماية مواطنيها في كل أبعاد حياتهم، بما في ذلك المساحات الرقمية التي باتت امتدادًا حقيقيًا للواقع.

الأكثر قراءة
آخر الاخبار