أدانت المملكة العربية السعودية بأشد العبارات الهجوم الإرهابي الذي استهدف كنيسة مار إلياس في منطقة الدويلعة جنوب شرقي العاصمة السورية دمشق، وهو الهجوم الذي أسفر عن مقتل 20 شخصًا وإصابة 53 آخرين.
وفقًا لما أُعلن من مصادر رسمية، وقد وقع التفجير في لحظة مزدحمة داخل الكنيسة، ما ضاعف من حصيلة الضحايا، وخلّف حالة من الذعر بين المصلين.
وفي بيان صادر عن وزارة الخارجية، عبّرت الرياض عن استنكارها العميق لهذا العمل الإجرامي، الذي استهدف دور العبادة وروّع الآمنين، مؤكدة رفضها القاطع لكافة أشكال الإرهاب والتطرف، أيا كانت دوافعه أو الجهات التي تقف خلفه، البيان شدد على ضرورة التصدي لمثل هذه الجرائم التي تمس القيم الإنسانية والروحية في الصميم.
المملكة عبّرت كذلك عن خالص تعازيها للحكومة السورية ولذوي الضحايا، وتمنياتها بالشفاء العاجل للمصابين، وأكدت مجددًا موقفها الثابت في دعم أمن واستقرار سوريا، ومساندة جهودها في مواجهة التنظيمات المتطرفة التي تستهدف حياة المدنيين ووحدة أراضي الدولة.
البيان السعودي جاء ليؤكد على أن استهداف الكنائس والمساجد والمعابد يُعد جريمة مضاعفة، لما تحمله دور العبادة من رمزية في نشر السلام والمحبة والتعايش بين الأديان والثقافات، ولما تمثله من مأمن روحي للناس في ظل عالم تمزقه الصراعات.
وأتى هذا الهجوم وسط تصاعد للاضطرابات الأمنية في سوريا، وخاصة في بعض ضواحي دمشق، حيث لا تزال فلول التنظيمات الإرهابية تحاول إثبات وجودها من خلال استهداف المدنيين في أماكن التجمع، وأعلنت بعض التقارير الإعلامية أن تنظيم "داعش" يقف خلف الهجوم، في استمرار لسلسلة اعتداءات مماثلة طالت مدنيين ومؤسسات دينية على مدار الأشهر الماضية.
السعودية، التي سبق أن استضافت مؤتمرات دولية لمحاربة التطرف وتعزيز التسامح الديني، جدّدت في بيانها الدعوة للمجتمع الدولي لتكثيف الجهود الجماعية من أجل اجتثاث الإرهاب من جذوره، ومنع الجماعات الإرهابية من استغلال الفوضى السياسية لتحقيق أجنداتها التخريبية.
ويرى مراقبون أن هذا الموقف السعودي يأتي ضمن سياسة إقليمية جديدة تعطي الأولوية لعودة الاستقرار في المنطقة، وترسيخ مفاهيم التعاون العربي – العربي، بعيدًا عن التدخلات الخارجية التي غالبًا ما تؤدي إلى تعقيد الأزمات بدلاً من حلها.
وأكدت الرياض أن الجرائم الإرهابية لن تزيد الشعوب إلا إصرارًا على المضي قدمًا في ترسيخ الأمن، ومواجهة الفكر الظلامي بكل الوسائل، مشيرة إلى أن دعمها لسوريا يتخطى البيانات، ويشمل التعاون الأمني والمساعدات الإنسانية وإعادة التأهيل.
ورغم أن العلاقات السياسية بين السعودية وسوريا شهدت فتورًا في فترات سابقة، فإن المواقف الرسمية المتكررة من الرياض، خاصة بعد عودة سوريا إلى مقعدها في جامعة الدول العربية، تُظهر تغيّرًا في الديناميكيات الإقليمية، وحرصًا سعوديًا على لعب دور إيجابي في استقرار الشام.
وكانت السعودية قد شاركت في مؤتمرات دولية ناقشت حماية دور العبادة حول العالم، وسبق أن أدانت اعتداءات مشابهة في دول أخرى، ما يعكس سياسة ثابتة تجاه احترام المقدسات ورفض العنف بكل أشكاله، أيا كان مصدره أو أهدافه.
الهجوم الإرهابي في كنيسة مار إلياس يعيد إلى الأذهان خطورة تغلغل الأفكار المتطرفة في المجتمعات، حتى في ظل الهدوء النسبي الذي شهدته بعض المناطق السورية مؤخرًا، ويعكس حجم التحديات التي ما تزال تواجه البلاد في طريقها إلى التعافي الكامل.
وفي ظل هذه الأحداث، يبقى الصوت السعودي داعمًا لحق الشعوب في الأمن والسلام، مؤكدة أن استهداف الأبرياء باسم الدين أو الطائفة أو السياسة، لا مكان له في عالم يسعى للعدالة، وأن التعاون بين الدول العربية يجب أن يكون حائط الصد الأول في مواجهة موجات التطرف.