في تحرك أمني واسع النطاق، أعلنت السلطات السعودية عن ضبط أكثر من 12 ألف مخالف لأنظمة الإقامة والعمل وأمن الحدود خلال أسبوع واحد فقط.
في حملة ميدانية شملت مختلف مناطق المملكة، وجاءت الأرقام لتعكس حجم التحديات المتزايدة في ملف التسلل والهجرة غير النظامية، وسط جهود واضحة لفرض الانضباط وحماية الأمن المجتمعي.
الحملة، التي نُفذت بتنسيق مشترك بين عدة جهات أمنية، كشفت عن وجود 7333 مخالفاً لنظام الإقامة، إلى جانب 3060 شخصاً خالفوا أنظمة أمن الحدود، فيما بلغ عدد مخالفي نظام العمل 1673 شخصاً، في دلالة على تنوع المخالفات وتوزعها بين الجوانب الإدارية والأمنية.
ومن اللافت أن النسبة الكبرى من محاولات التسلل عبر الحدود إلى داخل المملكة كانت من نصيب جنسيات بعينها، إذ شكّل الإثيوبيون نحو 65% من إجمالي المتسللين، مقابل 32% من الجنسية اليمنية، فيما توزعت النسبة الباقية على جنسيات متعددة، وقد بلغ عدد من تم ضبطهم أثناء محاولتهم العبور قرابة 1206 أشخاص.
أما أولئك الذين حاولوا الهروب من المملكة بطرق غير نظامية، فقد تم ضبط 71 حالة خلال الحملة نفسها، ما يشير إلى متابعة مزدوجة لحركة الدخول والخروج غير القانوني على حد سواء.
وتمكنت الأجهزة الأمنية كذلك من القبض على 21 شخصاً تورطوا في نقل أو إيواء أو تشغيل المخالفين، إلى جانب تسترهم على هؤلاء، وهو ما اعتبرته السلطات جريمة مركبة تستدعي أقصى درجات الحزم.
حالياً، يخضع نحو 13,238 وافداً مخالفاً لإجراءات قانونية مختلفة، بينهم 12,015 رجلاً و1,223 امرأة، وتشير هذه الأرقام إلى أن غالبية المخالفين من فئة الرجال، مع وجود نسائي يُعزز تعقيد هذا الملف على مستويات مختلفة.
وفي الجانب الإجرائي، جرى إحالة 6,244 مخالفاً إلى بعثاتهم الدبلوماسية من أجل استصدار وثائق سفر تتيح ترحيلهم، كما تمت إحالة 2,209 آخرين لاستكمال حجوزات مغادرتهم، وتم فعلياً ترحيل 7,238 مخالفاً خلال الفترة ذاتها.
البيان الصادر عن وزارة الداخلية السعودية كان حازماً في نبرته، حيث شدد على أن من يسهّل دخول المخالفين أو يوفر لهم المأوى أو أية خدمات أخرى، يعرّض نفسه لعقوبات صارمة، قد تصل إلى السجن 15 عاماً وغرامة مالية قدرها مليون ريال، إلى جانب مصادرة وسائل النقل والسكن، والتشهير بالمخالف.
وبحسب الوزارة، فإن هذه الأفعال تُصنّف ضمن الجرائم الكبرى التي تستوجب التوقيف، والتي تسيء إلى مفهومي الشرف والأمانة، وقد تم دعوة المواطنين والمقيمين إلى الإبلاغ الفوري عن أي حالات مشتبه بها عبر أرقام مخصصة في مختلف المناطق.
وتأتي هذه الإجراءات في وقت تواصل فيه المملكة مساعيها لتنظيم سوق العمل، وضمان الالتزام بالقوانين واللوائح، ضمن إطار رؤية أمنية واقتصادية متكاملة تهدف إلى ترسيخ النظام ومنع التستر والتسلل غير الشرعي.
وتعكس الحملات الأخيرة اتساع رقعة الرقابة وتفعيل العقوبات، خصوصاً مع تعدد أساليب التحايل التي يلجأ إليها البعض، سواء عبر منافذ غير رسمية أو من خلال التعاون مع شبكات إيواء غير نظامية.
في الوقت نفسه، أظهرت هذه الحملات أن التنسيق بين الجهات الأمنية والرقابية أصبح أكثر كفاءة، وهو ما يتجلّى في حجم المضبوطين وسرعة إجراءات الترحيل والمتابعة القانونية.
التحذيرات الصادرة من الجهات الرسمية لم تترك مجالاً للبس، وهي تستهدف بالدرجة الأولى الحد من التواطؤ المحلي مع المخالفين، سواء من الأفراد أو الكيانات التجارية التي قد تجد فيهم يد عمل رخيصة، لكن بثمن أمني واجتماعي باهظ.
وتبقى الرسالة الأوضح أن المملكة جادة في التصدي لأي انتهاك قد يمس بنية النظام القانوني، سواء على مستوى الإقامة أو العمل أو الحدود، وأن التعامل مع هذه المخالفات لن يكون إلا عبر المسارات الصارمة التي تحفظ أمن الدولة وكرامة الإنسان.