في جلسة شهدت نقاشًا حيويًا حول ملف التعليم في المملكة، طالب مجلس الشورى وزارة التعليم بإعادة النظر في نظام العام الدراسي المطوّل، والذي رآه عدد من الأعضاء سببًا في تفشي ظاهرة الغياب الجماعي، مؤكدين أن ذلك انعكس سلبًا على مستوى التحصيل الدراسي لدى الطلبة في مختلف المراحل.
وأوضح المجلس أن هذا النظام المطوّل تسبب في إرهاق الطلاب والمعلمين على حد سواء، ما أدى إلى فقدان الحماس مع امتداد العام الدراسي، مشيرًا إلى ضرورة تقييم التجربة بشكل علمي يعكس نتائجها الواقعية على أرض الواقع.
وخلال مناقشة التقرير السنوي للوزارة، دعا الأعضاء إلى معالجة التحديات التي واجهت تطبيق الاختبارات المركزية لهذا العام، خصوصًا ما يتعلق بالتأخير والأعطال التقنية، مشددين على أهمية تطوير هذه الأداة لضمان تحقيق أهدافها المرجوة.
كما نبّه المجلس إلى التفاوت بين نتائج اختبارات القدرات والتحصيل والاختبارات الدولية من جهة، والدرجات التي تمنحها بعض المدارس من جهة أخرى، مطالبًا بضبط الفجوة وضمان التناسق في التقييمات التعليمية على المستويين المحلي والدولي.
وفي إطار تطوير أدوات الدعم الأكاديمي، اقترح أعضاء المجلس إعداد دليل إرشادي معتمد لاجتياز اختبارات "نافس"، على أن يُدمج هذا الدليل ضمن المنهج السنوي، بهدف تعزيز مهارات الطلبة وتأهيلهم للمنافسة بشكل أفضل.
أما على مستوى التعليم العالي، فدعا المجلس إلى مواءمة سياسات البحث العلمي والابتكار في الجامعات مع الأولويات الوطنية، مطالبًا بإنشاء منظومة متكاملة تربط البحث العلمي بتنمية الأعمال، مما يسهم في إنتاج حلول حقيقية تلبي احتياجات المجتمع وتعزز اقتصاد المعرفة.
ونوه الأعضاء كذلك بالمزايا التي تتيحها التأشيرة التعليمية، وشددوا على أهمية التركيز على طلبة الدراسات العليا في التخصصات الحيوية، واستقطاب الكفاءات البحثية المتميزة للعمل في المشاريع العلمية الكبرى.
كما طالب المجلس بتشجيع مشاركة القطاعين الخاص وغير الربحي في تطوير قطاع التعليم، من خلال منح التسهيلات وتفعيل الشراكات الداعمة، بما يسهم في تحسين البيئة التعليمية ورفع جودة مخرجات التعليم في مختلف مناطق المملكة.
وأكد الأعضاء أهمية تسليم المباني الشاغرة للجامعات التي تحتاجها، وذلك بالتنسيق مع الجهات ذات العلاقة، لضمان الاستفادة من المرافق الحكومية وتخفيف العبء على المؤسسات التعليمية.
وفي قرار موازٍ، دعا المجلس وزارة الموارد البشرية إلى تسريع عملية التحول نحو الدور التنظيمي والإشرافي، وقياس التقدم المحرز فيه، إلى جانب تعزيز أنماط العمل الحديثة بما يحقق توازنًا بين الأمان الوظيفي ومتطلبات سوق العمل.
وطالب الأعضاء بتطوير برنامج الفحص المهني، محليًا ودوليًا، والتعاون مع وزارة التعليم ومجلس شؤون الأسرة لتوسيع منظومة حضانات الأطفال، وتشجيع القطاع الخاص على الاستثمار فيها، دعمًا لتمكين الأسرة العاملة.
كما شدد المجلس على أهمية تبني تقنيات استباقية في خدمات الضمان الاجتماعي وعيادات التمكين، لضمان إيصال الخدمات بجودة وكفاءة للمستفيدين، والإسراع في تنفيذ معايير الصحة والسلامة المهنية.
من جانب آخر، طالب المجلس الهيئة العامة للطرق بإعداد خارطة طريق استثمارية شاملة للقطاع، وإنشاء منصة رقمية تفاعلية لمتابعة حالة الطرق وتجهيز محطات استراحة على الطرق السريعة بمعايير عالمية.
ودعا المجلس الهيئة إلى مراعاة الظروف البيئية والجغرافية في مشاريع البنية التحتية، بما يسهم في تحسين السلامة العامة والحد من الحوادث والانهيارات، لاسيما في المناطق الحرجة.
أما الهيئة العامة للغذاء والدواء، فقد طُلب منها تطوير البنية التحتية لمختبراتها وإنشاء قاعدة بيانات للعلاجات الحيوية، وإلزام المؤسسات الصحية بتسجيل بيانات المرضى، مع التوسع في تطبيق "طمني" ليشمل الأجهزة والمكملات الغذائية.
وفيما يخص الهيئة السعودية للملكية الفكرية، شدد المجلس على ضرورة رفع نسبة إنجاز مبادرات الاستراتيجية الوطنية، وتفعيل الشراكات لتطوير منصات معلوماتية تشاركية تدعم الابتكار المحلي والدولي.
كما طُلب من المركز الوطني لسلامة النقل تكثيف الفحوصات على الطرق في النقاط الحرجة، وتعزيز التكامل مع الجهات المعنية عبر تبادل البيانات وتفعيل التقارير الفنية لتحسين مستوى الأمان.
وفي قطاع البيئة، دعا المجلس صندوق البيئة إلى مراجعة آليات قياس الأثر البيئي وتطوير أدوات تمويل مبتكرة، فيما طُلب من مركز تنمية الحياة الفطرية التوسع في إنشاء حدائق حيوانات ومعالجة آثار الردم والقطع الصخري على التنوع البيولوجي.
وأخيرًا، ناقش المجلس احتياجات الهيئة العامة للأمن الغذائي، مطالبًا بإعداد خطة شراء وتخزين سنوية مدروسة، وموائمة مع الوضع الغذائي العالمي، بينما شدد في ملف التأمين على ضرورة تعزيز استدامة القطاع وتضمين برامج وقائية ضمن الباقات الصحية.