أنقذت الكوادر الطبية في مكة المكرمة حياة حاج باكستاني بعد تعرضه لتوقف قلبي متكرر بلغ خمس مرات، في واقعة طبية بالغة الخطورة أظهرت جهوزية القطاع الصحي خلال موسم الحج.
كانت البداية حين شعر الحاج بآلام شديدة في الصدر وفقدان مفاجئ للوعي، ليتم نقله على وجه السرعة إلى أحد المستشفيات القريبة من الحرم، وسط استنفار طبي كامل للتعامل مع حالته الحرجة.
في قسم الطوارئ، بدأت الطواقم عملية الإنعاش القلبي الرئوي فور توقف القلب الأول، حيث عاد النبض بعد تدخلات دقيقة استمرت لعدة دقائق وسط ترقّب شديد.
لكن سرعان ما تكررت النوبة القلبية أربع مرات أخرى، ما استدعى إدخال الحاج إلى وحدة العناية المركزة، واستخدام أجهزة طبية متقدمة أبرزها جهاز دعم الحياة خارج الجسم المعروف بـECMO.
هذا الجهاز يقوم بمهمة القلب والرئتين بشكل مؤقت، ما يمنح الجسم فرصة للاستقرار ويمنح الأطباء مساحة لتقييم الحالة بدقة وتنفيذ بروتوكولات علاجية متقدمة.
استمرت جهود الإنعاش المتكررة لفترة طويلة، بينما كانت الفرق الطبية تتابع وظائف الأعضاء الحيوية وتضبط مستويات الأكسجين والدورة الدموية للحفاظ على فرصة الحاج في النجاة.
نجحت الفرق في إعادة تشغيل القلب في كل مرة، مستندة إلى تدخلات كهربائية ودوائية دقيقة، ما عُدّ إنجازًا طبيًا حاسمًا، خصوصًا في ظل تعقيدات الوضع الصحي العام للمريض.
بعد تثبيت حالة القلب نسبيًا، قرّر الفريق الطبي إدخاله في عملية تداخلية دقيقة لفتح شرايين مسدودة كانت السبب في التوقفات القلبية، وتم تنفيذ الإجراء بنجاح كبير.
أظهرت المؤشرات بعد الجراحة تحسنًا ملحوظًا في الحالة العامة للحاج، لتبدأ مرحلة مراقبة دقيقة داخل العناية القلبية المركزة، وسط متابعة متواصلة من فريق متعدد التخصصات.
أمضى الحاج عدة أيام تحت الرعاية المكثفة، تم خلالها تقليل الاعتماد على الأجهزة تدريجيًا، إلى أن أصبح قلبه قادرًا على العمل بصورة مستقرة دون دعم خارجي.
خرج الحاج من المستشفى بصحة جيدة بعد فترة تعافٍ ناجحة، وقد عبّر عن امتنانه الكبير لما وجده من رعاية طبية فائقة أنقذت حياته في لحظات كانت الفاصلة بين الموت والحياة.
وتعكس هذه الحالة قدرة الكوادر الصحية في المملكة على التعامل مع أكثر الحالات تعقيدًا، خاصة في ظل موسم الحج الذي يشهد توافد ملايين الحجاج من مختلف الجنسيات.
كما تجسد القصة التقدم اللافت في الخدمات الطبية المقدمة لضيوف الرحمن، والتي أصبحت تعتمد على تقنيات عالمية ومعايير صارمة لضمان أعلى درجات السلامة والرعاية.
هذه التجربة لم تكن مجرد إنقاذ لحالة طارئة، بل رسالة إنسانية تجسّد الروح الحقيقية للخدمة والرعاية التي تبذلها المملكة لضيوف بيت الله الحرام، حيث تلتقي المهنية بالرحمة.