أعلنت النيابة العامة في المملكة العربية السعودية عن إطلاق حملة وطنية توعوية جديدة تهدف إلى محاربة جرائم المخدرات عبر منهج وقائي وإنساني، مؤكدة أن المبادرة الذاتية للعلاج أو الإبلاغ قد تعفي الشخص من العقوبة.
وتحمل الحملة شعار "مبادرتك تعفيك"، وهي خطوة تهدف إلى نشر الوعي القانوني والمجتمعي بشأن المخدرات، بالتعاون مع عدد من الجهات الحكومية ذات العلاقة، في محاولة لإيجاد بيئة أكثر أمانًا وصحةً للفرد والمجتمع.
وأكدت النيابة أن النظام القانوني في المملكة ينظر بعين الاعتبار إلى من يبادر بطلب العلاج أو الإبلاغ عن جريمة مخدرات، وأن هذه المبادرة قد تكون فرصة حقيقية لتجنب المساءلة القانونية والحصول على بداية جديدة.
وقالت النيابة إن المبادرة الذاتية لا تعني فقط التراجع عن الطريق الخطأ، بل هي تعبير عن المسؤولية والوعي، وتشكل الخطوة الأولى في طريق التعافي وإعادة الاندماج في المجتمع بطريقة صحيحة.
ودعت الحملة كل من وقع في براثن الإدمان أو تورط في جرائم تتعلق بالمخدرات إلى كسر حاجز الخوف والوصمة، والتقدم بطلب العلاج أو الإبلاغ، مؤكدة أن الأنظمة القانونية السعودية تُقدّر الشجاعة في الاعتراف والسعي إلى الإصلاح.
وبينت النيابة أن الإعفاء من العقوبة ليس مطلقًا، بل مشروط بالصدق والمبادرة قبل وقوع الجريمة أو قبل كشفها من قبل الجهات المختصة، وهو ما يمنح الشخص فرصة للنجاة من العواقب القانونية والاجتماعية.
وشددت على أن تأخير المبادرة قد يُفقد الشخص هذه الفرصة، موضحة أن المبادرة لا تنقذ الفرد فقط من العقوبة، بل تفتح له بابًا للعلاج والدعم والتأهيل ليعود عنصرًا فاعلًا في مجتمعه.
وأوضحت النيابة العامة أن هذه الحملة تأتي في إطار توجه وطني متكامل يربط بين التوعية والعدالة، ويهدف إلى الحد من تفشي ظاهرة المخدرات بين الشباب، عبر تعزيز الثقة بين المواطن والجهات الرسمية.
كما نبهت إلى أن المخدرات لا تهدد فقط الصحة الجسدية والنفسية للمتعاطي، بل تقوّض الأسرة وتدمر النسيج المجتمعي، مضيفة أن كل جريمة مخدرات تُرتكب، تُعد جرحًا جديدًا في جسد الوطن.
واعتبرت الحملة أن الفرصة لا تزال قائمة أمام كل من تعاطى أو حاز أو تورط بأي شكل من الأشكال في قضايا المخدرات، شرط أن يبادر بصدق، ويُظهر الرغبة في التغيير والتعاون مع الجهات المختصة.
وتُعد حملة "مبادرتك تعفيك" تجسيدًا لرؤية المملكة في المزج بين الحزم في تطبيق الأنظمة، والرحمة في منح الفرص، حيث تمنح القانون فرصة للعلاج بدلًا من السجن، في حالات معينة يخضع فيها الفرد للمراقبة والرعاية.
وأشار مختصون إلى أن هذا النوع من المبادرات يعكس وعيًا مؤسساتيًا بأهمية الوقاية والاحتواء، بدلًا من الاقتصار على العقوبة وحدها، ما يُسهم في تقليل نسب العود والانخراط المتكرر في السلوك الإجرامي.
وتسعى النيابة العامة، من خلال هذه الحملة، إلى تعزيز مفهوم أن العدالة ليست فقط إنزال العقوبة، بل أيضًا حماية الفرد من نفسه، ودفعه نحو طريق الإصلاح الذاتي برعاية قانونية وإنسانية.
وفي ختام بيانها، جدّدت النيابة دعوتها لكل من تورّط في قضايا المخدرات، مهما كان نوعها، إلى التقدم بطلب العلاج أو الإبلاغ الفوري، مؤكدة أن "الخوف لا يحمي، والمبادرة تنقذ".