شنغن الخليج
"شنغن الخليج".. تأشيرة جديدة على وشك تغيير قواعد السفر في المنطقة
كتب بواسطة: احمد باشا |

في خطوة تمثل نقلة نوعية في القطاع السياحي بالمنطقة تستعد دول مجلس التعاون الخليجي لإطلاق التأشيرة السياحية الموحدة التي أُطلق عليها إعلاميًا اسم "شنغن الخليج" وسط توقعات بأن تعزز هذه المبادرة من جاذبية المنطقة على خارطة السياحة العالمية.

المشروع الذي طال انتظاره دخل مراحل متقدمة من التنسيق بين الدول الأعضاء في المجلس حيث تستهدف التأشيرة تسهيل حركة السياح بين دول الخليج من خلال إذن دخول واحد يسمح بالتنقل بين جميع الدول المشاركة دون الحاجة إلى تأشيرات منفصلة لكل دولة.

المبادرة تأتي امتدادًا لرؤية خليجية مشتركة تهدف إلى تعزيز التكامل الاقتصادي والسياحي بين دول المنطقة من خلال تبني سياسات موحدة تشجع على استقطاب الزوار وتطيل من فترة إقامتهم عبر إمكانية التنقل السلس بين وجهات متعددة.

ورغم أن المشروع لا يزال في طور الإعداد إلا أن مصادر مطلعة أكدت أن الإعلان الرسمي عن إطلاق التأشيرة قد يكون أقرب مما يتوقع البعض مع وجود توافق سياسي كبير حول تفاصيلها التقنية والقانونية وسبل تفعيلها.

تستند الفكرة إلى نماذج عالمية ناجحة أبرزها تأشيرة "شنغن" الأوروبية التي أتاحت لعشرات الملايين من المسافرين حرية الحركة بين بلدان متعددة ضمن مظلة قانونية واحدة وهو ما تسعى دول الخليج إلى محاكاته بما يناسب خصوصية المنطقة.

ومن المتوقع أن تشمل التأشيرة الجديدة الزوار من دول خارج الخليج الراغبين في استكشاف المنطقة حيث سيتمكن السائح من زيارة أكثر من دولة خليجية ضمن رحلة واحدة دون الحاجة للتقدم بطلبات تأشيرة متعددة مما يقلل من التكاليف والإجراءات.

تعد هذه الخطوة عنصرًا محوريًا في الاستراتيجيات السياحية التي تتبناها الدول الخليجية منذ سنوات والتي تهدف إلى تنويع مصادر الدخل بعيدًا عن النفط من خلال تعزيز قطاعات مثل السياحة والثقافة والترفيه.

كما تسعى الحكومات الخليجية إلى الاستفادة من البنية التحتية السياحية المتطورة التي تم إنشاؤها خلال العقد الأخير إذ باتت المنطقة تضم مطارات حديثة وشبكات مواصلات متكاملة ومرافق ضيافة عالمية تسهم في دعم هذا التوجه.

التأشيرة الموحدة من شأنها أيضًا تحفيز السياحة البينية داخل دول الخليج عبر تشجيع المواطنين والمقيمين في كل دولة على استكشاف جيرانهم دون قيود تأشيرية مما يعزز التفاهم الثقافي ويزيد من فرص التعاون المشترك.

ويشير محللون إلى أن هذه الخطوة ستمنح المنطقة ميزة تنافسية في سوق السياحة العالمي خصوصًا في ظل سعي وجهات أخرى لتسهيل إجراءات الدخول مثل جنوب شرق آسيا ومنطقة الكاريبي وهو ما يتطلب من الخليج التحرك بخطى واثقة وسريعة.

من بين الأهداف الخفية للمبادرة أيضًا توحيد الجهود التسويقية والترويجية لدول الخليج كمقصد سياحي واحد متكامل بدلًا من التنافس الفردي حيث سيكون بإمكان الجهات السياحية إعداد حملات مشتركة تستعرض التنوع البيئي والثقافي في المنطقة.

تولي دول الخليج اهتمامًا خاصًا للسياحة الفاخرة والطبيعية والطبية وهو ما يجعل من التأشيرة الموحدة أداة جذب قوية للفئات المستهدفة من السياح الذين يفضلون الراحة وسهولة الإجراءات والتنقل دون تعقيدات بيروقراطية.

ويؤكد مسؤولون أن التطبيق الفعلي للتأشيرة سيتطلب جاهزية إلكترونية متكاملة ونظم معلومات مترابطة بين الدول الخليجية لضمان الأمن وسرعة الإجراءات وهو ما يتم العمل عليه حاليًا عبر فرق تقنية مشتركة.

كما يُنتظر أن يسهم المشروع في تقوية العلاقات الثنائية والجماعية بين الدول الأعضاء من خلال رفع مستوى التنسيق الأمني والإداري والتشريعي وتبادل البيانات حول الزوار بما يعزز من الثقة المتبادلة ويقلل من المخاطر.

ومن المتوقع أن تعلن الأمانة العامة لمجلس التعاون خلال الفترة القريبة المقبلة عن الجدول الزمني النهائي لإطلاق التأشيرة الموحدة بعد إتمام الخطوات الفنية المتبقية واختبار جاهزية الأنظمة في كل دولة.