المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية.
هل يمكنك الجمع بين وظيفتين؟ .. التأمينات تحسم الجدل
كتب بواسطة: فاتن حامد |

في خطوة وصفها مختصون بأنها تعكس تطورًا في مرونة سوق العمل السعودي، أعلنت المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية أنه يُسمح للموظف المشترك في النظام بالعمل لدى أكثر من جهة في الوقت ذاته، بشرط ألا يتجاوز مجموع الأجور التي يتقاضاها من جميع جهات العمل المسجل لديها 45 ألف ريال شهريًا.

وجاء ذلك خلال توضيح رسمي نشرته المؤسسة عبر حسابها، وأكدت من خلاله أن النظام التأميني يسمح بتعدد جهات العمل، مع احتساب الاشتراك التأميني شهريًا على أساس إجمالي الأجر الذي يتقاضاه الموظف من مختلف الجهات، وليس بشكل منفصل لكل وظيفة.

وشددت المؤسسة على أن هذا التنظيم يسهم في حماية حقوق المشتركين وضمان احتساب اشتراكاتهم التأمينية بطريقة دقيقة وشاملة، مؤكدة أن العمل لدى أكثر من جهة لا يُعد مخالفة طالما التزم الموظف بالحد الأقصى المعتمد للأجور التأمينية وهو 45 ألف ريال.

وفي هذا الإطار، قال بندر السفير، وهو خبير في الموارد البشرية، في مداخلة عبر قناة الإخبارية، إن هذا التوجه يمثل دعمًا حقيقيًا لمرونة سوق العمل، موضحًا أن فتح المجال أمام الأفراد للعمل في أكثر من مكان قانونيًا يمنح المنشآت قدرة أكبر على التكيّف مع احتياجاتها التشغيلية.

وأضاف السفير أن هذه الخطوة ستُحدث تغييرًا نوعيًا في التعاقدات المؤقتة والمرنة، خصوصًا في ظل التوجه الوطني نحو رفع كفاءة سوق العمل وتوسيع قاعدة التوظيف، بما يراعي متطلبات المتغيرات الاقتصادية.

وأشار إلى أن المؤسسات باتت قادرة الآن على توظيف كفاءات متعددة بدوام جزئي أو خلال فترات محددة، دون أن تتعارض تلك العقود مع أنظمة التأمينات، بشرط وضوح التزامات كل طرف والتزام الجميع بالحد الأعلى للأجور التأمينية.

ويرى مراقبون أن هذا القرار من شأنه أن يعزز من فرص العمل الجزئي والمؤقت داخل المملكة، خاصة مع انتشار العمل عن بُعد وزيادة الإقبال على وظائف تعتمد على المهارات والخبرات المتخصصة في قطاعات متعددة.

ويأتي هذا التحديث ضمن سلسلة من الإجراءات التي تتخذها التأمينات الاجتماعية بهدف مواكبة التحولات الاقتصادية والتقنية، وسعيًا لتعزيز البيئة الوظيفية في المملكة بما يتماشى مع رؤية السعودية 2030.

وتسعى الجهات التنظيمية إلى تحقيق توازن بين حقوق أصحاب العمل وحقوق الموظفين، إذ يمنح النظام الجديد فرصًا إضافية للمواطنين والمقيمين من أصحاب الكفاءات للالتحاق بأكثر من وظيفة دون فقدان مزاياهم التأمينية.

ويعد سقف 45 ألف ريال شهريًا شرطًا حاسمًا في تنظيم هذه الآلية، حيث تلتزم المؤسسة باحتساب الاشتراك التأميني عن إجمالي الأجور التي لا تتجاوز هذا الحد، وهو ما يعني أن الموظف المشترك مطالب بمتابعة دخله الشهري من كافة الجهات لضمان الالتزام بالنظام.

ويتيح هذا التنظيم الجديد فرصًا مهمة للطلاب وحديثي التخرج وأصحاب المشاريع الصغيرة الذين يبحثون عن دخل إضافي من خلال وظائف مرنة، مما يعزز من نشاطهم الاقتصادي دون التأثير على بياناتهم التأمينية.

كما يُمكّن هذا التوجه الكثير من المتقاعدين أو الراغبين في الاستمرار بالعمل من تحقيق دخل أعلى بطريقة قانونية ومنظمة، بشرط ألا يتجاوز إجمالي أجورهم الحد الأقصى المسموح به.

وتراهن المؤسسات على هذه الخطوة في تحسين الكفاءة التشغيلية، خاصة خلال المواسم أو الفترات التي تحتاج إلى طواقم إضافية، دون الحاجة إلى التعاقد طويل الأجل أو تحميل الميزانية التكاليف الإضافية.

وتجدر الإشارة إلى أن العمل في أكثر من جهة كان في السابق يثير تساؤلات حول الأثر التأميني، إلا أن التوضيح الجديد من المؤسسة أزال كثيرًا من الغموض وأعاد تنظيم العلاقة بين العامل والمنشآت بطريقة أكثر شفافية ووضوحًا.

ويأمل كثير من العاملين في أن تسهم هذه التحديثات في فتح المجال أمام تحسين أوضاعهم المعيشية، خاصة مع تصاعد تكاليف الحياة والحاجة إلى تنويع مصادر الدخل في ظل اقتصاد متغير ومتسارع.

ومن المتوقع أن تشهد المنصات الإلكترونية المتخصصة في الوظائف ازديادًا في الإقبال، خاصة من فئة الشباب والنساء الباحثين عن فرص مرنة تتيح لهم التوفيق بين أكثر من وظيفة بما لا يتعارض مع النظام.

وتعمل المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية على مواكبة التطورات التقنية في إدارة سجلات الأجور والاشتراكات، بما يضمن الدقة والشفافية في احتساب الاشتراكات الخاصة بالمشتركين ممن يعملون في أكثر من جهة.

وتدعو المؤسسة كافة العاملين والمنشآت إلى الاطلاع على الأنظمة والتعليمات الجديدة من خلال منصاتها الرسمية، ومراعاة إدخال بيانات الأجور بدقة، حتى لا تتعرض المنشأة أو الموظف لأي مخالفات تأمينية مستقبلًا.

ويؤكد هذا القرار على تطور البيئة التشريعية في المملكة، حيث تعمل الجهات المعنية على التوازن بين جذب الكفاءات وتوفير المرونة للقطاع الخاص، دون الإخلال بمنظومة الحقوق التأمينية للعاملين.