تواصل وكالة وزارة الداخلية للأحوال المدنية جهودها الحثيثة في تعزيز الوصول إلى الخدمات الحكومية للمواطنين والمقيمين، من خلال إطلاق وحداتها المتنقلة في عدد من المواقع الحيوية بالمملكة، في إطار مبادرتي "نأتي إليك" و"موجودين"، اللتين تهدفان إلى إيصال الخدمات الرسمية إلى المواقع البعيدة عن مكاتب الأحوال، وتلبية احتياجات الأفراد بطريقة مرنة وفعالة.
وقد باشرت الوحدات المتنقلة للأحوال المدنية تقديم خدماتها في ستة مواقع مختلفة، موزعة بين مناطق مكة المكرمة وعسير وعدد من المراكز والمحافظات النائية، حيث توفر هذه الوحدات خدمات السجل المدني للرجال والنساء، وتُمكّنهم من إصدار الهوية الوطنية وتجديدها، إضافة إلى استخراج بدل تالف، دون الحاجة إلى التنقل لمسافات طويلة أو انتظار مواعيد في المكاتب الثابتة.
وفي منطقة مكة المكرمة، بدأت وحدات الأحوال المتنقلة اليوم تقديم خدماتها للرجال في مركز قيا، على أن تنتقل إلى مركز أبو راكة يوم الاثنين، فيما خصص يوم الأربعاء لتقديم الخدمات للنساء في مقر الخطوط الجوية السعودية بمدينة جدة، كما يتم تخصيص يوم الخميس لخدمة الرجال، بحيث تستمر الزيارة يومًا واحدًا في كل موقع.
أما في منطقة عسير، فقد باشرت الوحدات المتنقلة تقديم خدماتها في محافظة تنومة، حيث تم تخصيص يومين كاملين لخدمة الرجال، بينما خُصص يوم واحد لتقديم الخدمات في فرع وزارة البيئة والمياه والزراعة بمدينة أبها، ويشمل نطاق الخدمة إصدار وتجديد الهوية الوطنية وتحديث بيانات السجل المدني للمستفيدين.
كما امتدت الخدمات إلى منطقة الأجفر، حيث تم تخصيص اليوم الأول لتقديم الخدمات للرجال، على أن يتم تخصيص يومي الثلاثاء والأربعاء للنساء، بما يضمن تلبية متطلبات المواطنين والمواطنات في هذه المناطق، ورفع مستوى التغطية الميدانية لخدمات الأحوال المدنية بشكل متوازن.
وتعكس هذه التحركات الجهود المستمرة التي تبذلها وزارة الداخلية في تسهيل حصول المواطنين على الخدمات المدنية، وذلك عبر أساليب عمل حديثة تعتمد على التنقل والوصول إلى المواقع، بدلاً من الاكتفاء بالخدمات المكتبية، الأمر الذي يترجم التوجه الحكومي نحو تحسين جودة الخدمات المقدمة للمجتمع.
وتهدف مبادرة "نأتي إليك" إلى تعزيز الشراكة مع الجهات الحكومية والخاصة، من خلال تخصيص زيارات ميدانية لمقار تلك الجهات، وتقديم الخدمات لمنسوبيها بشكل مباشر، مما يرفع من كفاءة العمل ويوفر الوقت للموظفين، في حين تركز مبادرة "موجودين" على الوصول إلى القرى والمراكز البعيدة، التي قد لا تتوفر فيها مكاتب ثابتة للأحوال المدنية.
وتُعد الوحدات المتنقلة واحدة من أبرز الأدوات الميدانية التي اعتمدتها وكالة الأحوال المدنية لتوسيع دائرة الخدمة، حيث تم تجهيزها بكامل الإمكانات التقنية والبشرية لتقديم خدمات مطابقة لتلك التي تُقدم في المكاتب، وتشمل إصدار الهوية الوطنية، وتسجيل الوقائع، وتحديث البيانات، والتحقق من السجلات المدنية.
ويؤكد القائمون على هذه المبادرات أن نشر الوحدات المتنقلة لا يقتصر على تقديم الخدمة فقط، بل يشمل أيضًا رفع مستوى التوعية لدى المواطنين حول أهمية تحديث بياناتهم بشكل دوري، وضمان امتلاك الوثائق الثبوتية الرسمية، خاصة في المناطق التي تشهد تحديات في الوصول إلى المرافق الحكومية.
وتشهد خدمات الأحوال المدنية في المملكة تطورًا متسارعًا خلال السنوات الأخيرة، في إطار رؤية السعودية 2030 التي تولي أهمية كبيرة لتحسين جودة الحياة، ورفع كفاءة الخدمات العامة، عبر استخدام التقنيات الحديثة، وتبني أساليب عمل مرنة تستند إلى احتياجات المواطنين ومواقع تواجدهم.
ويُلاحظ في الميدان تفاعل كبير من المواطنين مع هذه الوحدات، حيث يحرص كثيرون على الاستفادة من وجودها المؤقت في مناطقهم، مما يعكس مدى الحاجة الحقيقية لهذه الخدمات، ويبرز أهمية استمرارية المبادرات في مختلف فصول السنة، لتشمل جميع المناطق والمحافظات دون استثناء.
وقد ساعدت هذه المبادرات في تقليل الضغط على مكاتب الأحوال الثابتة، مما ساهم في تقليل مدة الانتظار للحصول على المواعيد، كما وفّرت خيارًا مناسبًا للمواطنين الذين يواجهون صعوبات في التنقل، خاصة كبار السن والأشخاص ذوي الإعاقة، مما يجعلها إحدى أنجح التجارب الخدمية المتنقلة في القطاع الحكومي.
وتعكس هذه الخطوة نهجًا تكامليًا في إدارة الخدمات، حيث تعتمد وزارة الداخلية على تحليل البيانات ومؤشرات الخدمة لتحديد المواقع ذات الأولوية، ومن ثم إرسال الوحدات المتنقلة إليها، بما يحقق عدالة التوزيع الجغرافي للخدمة، ويوفر تكاليف السفر والوقت على المواطنين في تلك المناطق.
ويعمل طاقم الوحدات المتنقلة بكفاءة عالية، مدعومين بتدريب متخصص وتجهيزات تقنية متقدمة، تضمن إنجاز المعاملات بشكل فوري، وإرسال البيانات عبر شبكة إلكترونية آمنة، مما يرفع من مستوى الدقة في إصدار الوثائق ويقلل من الأخطاء المحتملة.
ويُتوقع أن تشهد الأسابيع المقبلة مزيدًا من التوسع في نطاق الوحدات المتنقلة، بالتوازي مع موسم الصيف الذي يشهد عادة ارتفاعًا في الطلب على إصدار وتجديد الهوية الوطنية، نظرًا لزيادة حركة السفر والتنقل الداخلي والخارجي، الأمر الذي يعزز من أهمية جاهزية هذه الوحدات وتوسيع نطاق تغطيتها.
ويأمل المواطنون أن يستمر تفعيل هذه المبادرات بشكل دائم، وألا تقتصر على الفترات الموسمية، لما توفره من حلول عملية وسريعة، وتسهم في تعزيز العلاقة بين المواطن والجهات الخدمية، على قاعدة من الشفافية والمرونة في تقديم الخدمات الأساسية.
وتعكس هذه المبادرات صورة متقدمة عن قدرة الجهات الحكومية على تبني أفضل الممارسات العالمية في مجال الخدمة المدنية، وتحويلها إلى واقع ملموس في جميع مناطق المملكة، بما يعزز من ثقة المواطنين في المؤسسات، ويواكب متطلبات التنمية الشاملة.