غرفة الرياض
غرفة الرياض تحذر: التستر الهندسي يهدد جودة المشاريع وسلامة المجتمع
كتب بواسطة: احمد باشا |

أكدت غرفة الرياض أن التستر التجاري في القطاع الهندسي يمثل تهديدًا مباشرًا لجودة الخدمات والمشاريع الهندسية، موضحة أن هذه الظاهرة تفقد السوق التنظيم والشفافية، وتمنح كيانات غير مؤهلة فرصة التغلغل في مشاريع حيوية تمس حياة الأفراد وسلامة المجتمع.

وأوضحت الغرفة أن التستر يسمح لغير السعوديين بممارسة العمل الهندسي من دون تراخيص أو مؤهلات معترف بها، مشيرة إلى أن هذه الممارسات تؤثر سلبًا على كفاءة الأداء، وتزيد من نسب المخالفات الفنية والهندسية في مختلف مراحل تنفيذ المشاريع.

جاء ذلك في لقاء نظمته لجنة المكاتب والشركات الهندسية بغرفة الرياض تحت عنوان "التستر في القطاع الهندسي"، بحضور ممثلين من الجهات الرقابية وعدد من المهندسين والمستثمرين، حيث تمت مناقشة أبعاد الظاهرة وانعكاساتها على مستقبل القطاع.

وشدد المشاركون في اللقاء على أن استمرار التستر يهدد استقرار السوق المحلي، ويؤثر على ثقة العملاء في المكاتب والممارسات الهندسية، مما يستدعي تحركًا حاسمًا من الجهات المختصة لفرض أنظمة صارمة وتنفيذ حملات تفتيش فعالة.

كما أكد عدد من أصحاب المكاتب الهندسية أن التستر يخلق منافسة غير عادلة، ويجعل من الصعب على الكيانات النظامية أن تواصل عملها بجودة عالية، في ظل وجود كيانات مخالفة تقدم خدماتها بأسعار منخفضة على حساب الجودة والمهنية.

وأشار المهندس سعود النفيعي، رئيس اللجنة الهندسية في غرفة الرياض، إلى أن نسبة كبيرة من الممارسين للأنشطة الهندسية في بعض المدن يعملون خارج الأطر النظامية، ما يشكل تحديًا كبيرًا أمام تحقيق الأهداف التنموية للمملكة في هذا القطاع الحيوي.

وأوضح النفيعي أن هناك تنسيقًا قائمًا بين غرفة الرياض والجهات الرقابية لرفع مستوى الوعي بأضرار التستر، وتطوير آليات الرقابة والتفتيش، مع العمل على تمكين الكفاءات الوطنية وإعطائها الفرصة لقيادة المشاريع الهندسية.

ودعا النفيعي الجهات المعنية إلى تحديث اللوائح المرتبطة بتراخيص العمل الهندسي، بما يحد من ظاهرة التستر ويشجع على التنافس العادل، مشيرًا إلى أهمية ربط الرخص المهنية بسجل إلكتروني موحد يسهل عملية المتابعة والتقييم.

وأكدت الغرفة أن معالجة التستر لا تتطلب فقط الجوانب الرقابية، بل يجب أن تشمل أيضًا تطوير منظومة التأهيل المهني، والتوسع في البرامج التدريبية التي ترفع من كفاءة المهندسين السعوديين، وتجعلهم الخيار الأول لأصحاب المشاريع.

وحذّرت الغرفة من أن التستر في هذا القطاع قد يقود إلى كوارث إنشائية وهندسية على المدى البعيد، خاصة في المشاريع السكنية والتجارية التي لا تخضع لإشراف مباشر من جهات الاختصاص، مشددة على ضرورة التدخل الوقائي والعلاجي في آن واحد.

وتطرّق اللقاء إلى قصص واقعية لحالات تستر أدت إلى تلفيات كبيرة في مشاريع قائمة، حيث تبيّن أن المكاتب المخالفة غالبًا ما تفتقر إلى الكوادر المؤهلة، وتعتمد على نماذج تصميم جاهزة لا تراعي خصوصية المواقع والمتطلبات الإنشائية.

كما تم استعراض تقارير ميدانية أظهرت تزايد حالات التستر في المناطق الطرفية وبعض الضواحي، حيث تجد الكيانات غير المرخصة بيئة مناسبة للعمل خارج الرقابة، ما يستوجب تكثيف الجولات التفتيشية وتعزيز التنسيق بين الأمانات والبلديات.

وطرح المشاركون عدة توصيات أهمها ضرورة تسريع إجراءات إصدار التراخيص للمكاتب النظامية، وتوفير حوافز للمستثمرين الملتزمين، بالإضافة إلى إنشاء قاعدة بيانات وطنية ترصد وتتابع أداء العاملين في القطاع الهندسي.

وأشار المتحدثون إلى أن التصدي لظاهرة التستر لا يعني فقط تطبيق العقوبات، بل يتطلب أيضًا فتح قنوات حوار مع أصحاب المكاتب الهندسية لفهم التحديات التي تدفع البعض للتستر، والعمل على معالجتها ضمن رؤية إصلاحية شاملة.

وفي ختام اللقاء، جددت غرفة الرياض التزامها بدعم الجهود الوطنية للقضاء على التستر بكافة أشكاله، مؤكدة أنها ستواصل عقد اللقاءات التوعوية والورش المتخصصة لتسليط الضوء على الظواهر السلبية واقتراح الحلول العملية.