وزارة التعليم
خطوة تاريخية.. السعودية تعتمد تدريس الذكاء الاصطناعي في جميع المدارس
كتب بواسطة: حمادة صالح |

أعلن المركز الوطني للمناهج بالشراكة مع وزارة التعليم ووزارة الاتصالات وتقنية المعلومات والهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي "سدايا"، عن إدراج منهج جديد للذكاء الاصطناعي في مختلف مراحل التعليم العام بالمملكة، بدءًا من العام الدراسي 2025 – 2026، في خطوة تُعد من أبرز التحولات النوعية التي يشهدها قطاع التعليم خلال المرحلة المقبلة.

ويأتي هذا التوجه ضمن مستهدفات برنامج تنمية القدرات البشرية أحد برامج رؤية المملكة 2030، حيث يُسهم في بناء نظام تعليمي متكامل يعزز القيم، ويركز على تنمية المهارات، ويرفع من جاهزية الأجيال القادمة للمشاركة في الاقتصاد المعرفي، ويعزز من مكانة المملكة عالميًا في مجالات التقنية والابتكار والذكاء الاصطناعي.

ويهدف المنهج الجديد إلى تمكين الطلاب والطالبات منذ سن مبكرة من اكتساب مفاهيم الذكاء الاصطناعي وتطبيقاته، وتأهيلهم للتفاعل الواعي مع أدواته، ليكونوا قادرين على ابتكار حلول ذكية لمواجهة التحديات المستقبلية، في ظل التحول الرقمي المتسارع الذي تشهده المملكة والعالم على حد سواء.

وتتضمن الخطط المعلنة إعداد وحدات دراسية متخصصة في الذكاء الاصطناعي تتناسب مع كل مرحلة عمرية، وتُقدّم بأساليب تفاعلية تطبيقية تسهم في تعزيز الفهم العملي، وتوسيع آفاق التفكير، كما يُراعى في تصميم هذه المناهج التدرج المعرفي والتكامل بين المراحل لضمان بناء المهارات بصورة تراكمية ومتسلسلة.

وسيتم تضمين هذه المناهج في منظومة التقييم الشامل التي تعتمدها وزارة التعليم لقياس الأداء والتحصيل الدراسي للطلاب، ما يمنحها وزنًا أكاديميًا يعكس أهميتها ضمن المحتوى التعليمي، ويؤكد على تحولها إلى أحد المكونات الجوهرية في العملية التعليمية.

ويُعتبر هذا المنهج استمرارًا لتجربة تأسيسية بدأت خلال مؤتمر مبادرة القدرات البشرية الذي عُقد في أبريل 2025، وشهد الإعلان عن مقرر دراسي بعنوان "المدخل إلى الذكاء الاصطناعي" أطلقته "سدايا" بالتعاون مع المركز الوطني للمناهج ووزارة التعليم، لطلاب الصف الثالث الثانوي المسار العام، ضمن مرحلة تجريبية أولى.

وقد نالت التجربة إشادات واسعة من المختصين والمهتمين، حيث عكست قدرة المؤسسات التعليمية في المملكة على تبني التحولات العالمية وتوظيفها محليًا، كما مثلت خطوة عملية نحو تعميم مفاهيم الذكاء الاصطناعي في البيئات المدرسية والجامعية، وإدماجها في مختلف التخصصات والمجالات العلمية.

ومن المتوقع أن يشمل المنهج الجديد محتوى معرفيًا وتطبيقيًا يغطي أساسيات الذكاء الاصطناعي، مثل مفاهيم تعلم الآلة، وتحليل البيانات، والنماذج التنبؤية، والرؤية الحاسوبية، والأخلاقيات المرتبطة بتقنيات الذكاء الاصطناعي، إلى جانب أنشطة ومشاريع تساعد الطلاب على ممارسة التفكير التحليلي، والعمل الجماعي، وحل المشكلات بطرق ابتكارية.

كما سيتم تزويد المعلمين والمعلمات ببرامج تدريب وتأهيل متقدمة تُمكّنهم من تدريس هذا النوع من المحتوى باحترافية، ضمن خطة متكاملة لإعداد الكوادر التعليمية القادرة على مواكبة هذا التحول، بما يضمن رفع كفاءة الأداء التدريسي في جميع مدارس المملكة.

وتسعى الجهات الشريكة في تنفيذ هذا المشروع الطموح إلى بناء بيئة تعليمية مرنة وحديثة تُحفّز الإبداع الرقمي، وتشجّع الطلاب على خوض تجارب تقنية حقيقية منذ الصغر، وصولًا إلى إعداد كوادر وطنية قادرة على قيادة مشروعات الذكاء الاصطناعي وتطويرها مستقبلًا.

كما يواكب هذا التوجه الطفرة التقنية التي تشهدها المملكة على مختلف الأصعدة، بدءًا من البنية الرقمية المتطورة، وانتهاءً بالمبادرات الوطنية الكبرى التي تركز على الاقتصاد الرقمي، والبحث والابتكار، وجعل الذكاء الاصطناعي أداة أساسية في صناعة المستقبل.

ويُعد إدراج الذكاء الاصطناعي في المناهج الدراسية خطوة مفصلية تُعزز من تنافسية التعليم السعودي، وتسهم في تحفيز الاستثمار في العقول، وتُمهّد الطريق لتخريج جيل جديد يمتلك أدوات العصر، ويستطيع التأقلم مع متغيرات سوق العمل العالمي الذي تزداد فيه الحاجة للكفاءات التقنية المتخصصة.

ويؤكد هذا الإعلان التزام المملكة بتطوير منظومتها التعليمية بما يتماشى مع مستجدات العالم الرقمي، ويرسخ من حضورها الدولي كلاعب رئيس في مجال الذكاء الاصطناعي، ويرفع من جاهزية الجيل القادم لقيادة التحولات المستقبلية.

وتواصل الجهات المعنية تنفيذ هذا التوجّه وفق جدول زمني مدروس يراعي الجودة والفعالية، مع إطلاق حملات تعريفية وتوعوية تستهدف أولياء الأمور والمجتمع التعليمي، لتعزيز تقبّل هذا التغيير، وتحقيق أعلى معدلات النجاح في تطبيقه الميداني.