أعلنت وزارة الرياضة السعودية عن إطلاق مشروع استثماري جديد يهدف إلى تطوير واستثمار المنشآت الرياضية في مدينتي جدة ومكة المكرمة، في خطوة تُعد جزءًا من التوجه الاستراتيجي للمملكة نحو تعظيم الفائدة من البنية التحتية الرياضية، وتمكين القطاع الخاص من الدخول في شراكات نوعية تعزز من مساهمته في الاقتصاد الرياضي، والمشروع الجديد يمثل محطة مهمة ضمن برامج التحول الوطني ورؤية المملكة 2030، التي تسعى إلى تحويل الرياضة من قطاع خدمي إلى صناعة مزدهرة تفتح آفاقًا أوسع للنمو الاقتصادي والاجتماعي.
ويهدف المشروع إلى فتح المجال أمام المستثمرين من مختلف القطاعات لتقديم عروضهم لتطوير وتشغيل مجموعة من المنشآت الرياضية التابعة للوزارة، وذلك وفق نماذج عمل تضمن استدامة تلك المنشآت وزيادة كفاءتها التشغيلية وتحقيق عوائد مالية تسهم في دعم قطاع الرياضة، وتعتبر مدينتا جدة ومكة المكرمة من أبرز المدن السعودية من حيث النشاط الرياضي والجماهيري، ما يجعل المشروع الجديد محط أنظار كثير من المستثمرين المحليين والدوليين الساعين إلى الاستفادة من السوق السعودية الرياضية المتنامية.
وأكدت وزارة الرياضة أن المشروع سيشمل عددًا من الملاعب والصالات والمرافق المتنوعة، وسيُطرح وفق منافسات عامة تضمن الشفافية والمساواة، وتراعي جودة المحتوى الاستثماري ومراعاته للبعد الرياضي والاجتماعي، وستكون الأولوية للعروض التي تقدم حلولًا تطويرية مبتكرة وخططًا تشغيلية مستدامة تتوافق مع أهداف الوزارة في رفع جودة الحياة ودعم الرياضة المجتمعية، إلى جانب تعزيز التجربة الجماهيرية في الأحداث الرياضية المختلفة.
ويأتي هذا المشروع ضمن سلسلة مبادرات استراتيجية تتبناها الوزارة لتحفيز القطاع الخاص على الاستثمار في الرياضة، والتي تشمل أيضًا دعم إنشاء الأكاديميات الرياضية، وتمويل الأندية الخاصة، واستقطاب الفعاليات العالمية الكبرى، كما أن هذه الخطوة تنسجم مع التوجه العام للحكومة نحو رفع كفاءة الإنفاق الرأسمالي وتحقيق أعلى عائد ممكن من الأصول الحكومية من خلال الشراكات مع القطاع الخاص، بما يضمن تحقيق الاستدامة الاقتصادية على المدى الطويل.
ويُنتظر أن يسهم المشروع في خلق فرص عمل جديدة للشباب السعودي، سواء في الجوانب التشغيلية أو الإدارية أو التسويقية، كما سيوفر منصة حيوية لتنمية المهارات الرياضية والإدارية لدى الكوادر الوطنية، وبيّنت الوزارة أن من ضمن أهداف المشروع توفير منشآت رياضية حديثة تلبي المعايير الدولية وتكون جاذبة للرياضيين والمشجعين على حد سواء، مما يعزز من مكانة المملكة كوجهة رياضية في المنطقة والعالم.
كما تسعى الوزارة من خلال هذه الخطوة إلى تحويل المنشآت الرياضية إلى مراكز مجتمعية متعددة الاستخدام، لا تقتصر فقط على استضافة المباريات والبطولات، بل تكون حاضنة للأنشطة الثقافية والاجتماعية والترفيهية، مما يعزز من اندماج الرياضة في نسيج الحياة اليومية للمواطن والمقيم، وهو توجه يعكس رؤية شاملة تقوم على التكامل بين التنمية الحضرية والأنشطة الرياضية، ويضمن تحقيق أقصى استفادة من الأصول القائمة دون الحاجة إلى بناء منشآت جديدة إلا عند الضرورة.
ومن المتوقع أن تعلن وزارة الرياضة خلال الأسابيع المقبلة عن تفاصيل المنافسات وشروط التقديم، إضافة إلى المعايير الفنية والمالية المطلوبة من المتقدمين، على أن يتم لاحقًا الإعلان عن الفائزين بالعقود وخطط التنفيذ التي سيتم اتباعها، وقد بدأت بالفعل فرق فنية متخصصة في إجراء تقييم شامل لحالة المنشآت المستهدفة، وتحديد الأولويات في الصيانة والتطوير والتشغيل، بالتعاون مع عدد من الجهات الاستشارية المحلية والدولية.
ويُنظر إلى مشروع استثمار المنشآت الرياضية في جدة ومكة على أنه خطوة تأسيسية نحو إطلاق مشاريع مماثلة في مدن أخرى بالمملكة، حيث أشارت الوزارة إلى أن هذا التوجه يشمل مستقبلاً مناطق مثل الرياض والمنطقة الشرقية والمدينة المنورة، بما يسهم في تحقيق العدالة في توزيع الفرص الاستثمارية وتعزيز التنمية الرياضية في كافة أنحاء المملكة، ويأتي ذلك ضمن إطار متكامل لتمكين المدن السعودية من أن تكون مراكز رياضية وسياحية واقتصادية متكاملة.
ويمثل هذا المشروع ترجمة عملية للرؤية التي تنتهجها القيادة السعودية في تعزيز دور الرياضة كرافد اقتصادي مهم، إلى جانب دورها التربوي والصحي والاجتماعي، وهو يعكس الثقة الكبيرة التي توليها الدولة للقطاع الخاص في قيادة عجلة التنمية، كما يبعث برسالة إيجابية إلى المستثمرين حول جدية التوجه الإصلاحي في القطاع الرياضي وتنوع الفرص المتاحة فيه.