في ظل الجهود المكثفة التي تبذلها الجهات الأمنية لحماية موسم الحج وضمان أمن وسلامة الحجاج، أعلنت دوريات الأمن في العاصمة المقدسة عن ضبط مقيم من الجنسية الإندونيسية، تورط في نشر إعلانات وهمية ومضللة على مواقع التواصل الاجتماعي يدّعي من خلالها تقديم خدمات متكاملة لحجاج بيت الله الحرام، تشمل توفير السكن والتنقل داخل المشاعر المقدسة، في مخالفة صريحة للأنظمة والتعليمات المعتمدة لتنظيم موسم الحج.
والمقيم تم توقيفه على الفور، وتم اتخاذ الإجراءات النظامية بحقه، وإحالته إلى النيابة العامة لاستكمال التحقيقات واتخاذ العقوبات المقررة بحقه وفق الأنظمة المعمول بها في المملكة.
ووفقًا للمعلومات الأولية، فإن المقيم استخدم منصات رقمية مختلفة لبث رسائل دعائية مضللة، مستهدفًا الحجاج الراغبين في أداء الفريضة لهذا العام، حيث أوهمهم بوجود حملات حج نظامية تقدم خدمات ميسّرة تشمل السكن المجهز ووسائل النقل المريحة داخل المشاعر، ما دفع بعض الأفراد إلى التواصل معه للحصول على التفاصيل، دون علمهم بأن هذه الحملات تفتقر لأي ترخيص رسمي من الجهات المختصة.
وتُعد هذه الممارسات من صور الاحتيال التي تستغل الجوانب الدينية لتحقيق مكاسب غير مشروعة، وتشكل خطرًا على سلامة الحجاج وحقوقهم، فضلًا عن مخالفتها الصريحة للتعليمات النظامية المنظمة لشؤون الحج والتي تهدف إلى ضبط العمليات الخدمية للحجاج وضمان تقديم الخدمات تحت إشراف رسمي وموثوق.
وفي بيان أصدره الأمن العام عقب الحادثة، حذّر من مغبة الانسياق خلف الإعلانات غير الموثوقة، مؤكدًا أن الجهات الأمنية ستواصل جهودها في تعقب مروجي الحملات الوهمية والقبض على كل من يثبت تورطه في تضليل الحجاج أو استغلالهم ماديًا.
ودعا البيان المواطنين والمقيمين إلى الإبلاغ عن أي تجاوزات أو إعلانات مشبوهة تتعلق بالحج، وتأتي هذه الحادثة في إطار جهود المملكة العربية السعودية لتنظيم موسم الحج بحزم وانضباط، حيث وضعت وزارة الحج والعمرة آليات دقيقة لاختيار الحملات المرخصة واعتمدت على منصات رقمية رسمية تتيح للراغبين في أداء الفريضة التأكد من هوية مقدمي الخدمة ومراجعة تفاصيل الباقات والأسعار والتصاريح النظامية، منعًا لأي محاولة استغلال أو تلاعب.
كما يُشترط على من يرغب في تنظيم حملة حج أن يحصل على ترخيص رسمي يخضع لمعايير دقيقة من حيث الكفاءة، والإمكانات، والخبرة، والالتزام بأنظمة النقل والإعاشة والإشراف الميداني، وسبق أن أعلنت الوزارة أنها لن تتهاون مع أي جهة أو فرد يخالف الأنظمة، سواء من داخل المملكة أو خارجها.
ويُذكر أن حملات الحج الوهمية ليست ظاهرة جديدة، وقد تعاملت معها الجهات المختصة في الأعوام السابقة بحزم، إذ أسفرت تلك الحملات عن خسائر مالية ومعنوية لمئات الحجاج الذين تعرضوا للاحتيال، فضلًا عن تعطيل خطة الحج الوطنية.
ولم تكن هذه الحملات تقتصر على المقيمين فقط، بل سبق ضبط مواطنين تورطوا في إنشاء حملات حج وهمية تروج على منصات التواصل الاجتماعي برسوم مغرية وخدمات مزعومة، ولذلك، تؤكد الجهات المختصة بشكل متكرر أهمية الرجوع إلى المصادر الرسمية لتفادي الوقوع ضحية الاحتيال.
ومن جهة أخرى، تكثف وزارة الحج والعمرة بالتعاون مع الجهات الأمنية ووسائل الإعلام جهود التوعية، من خلال الحملات التثقيفية والمحتوى التوجيهي الذي يُبث عبر القنوات الرسمية لتذكير الحجاج بشروط التسجيل، وضرورة التأكد من الجهات المنظمة، وآلية إصدار التصاريح، ومخاطر التعامل مع الحملات غير المرخصة.
وتشير هذه الواقعة إلى أهمية اليقظة المجتمعية والتعاون بين الجهات الرسمية والمواطنين والمقيمين للحد من ممارسات الاحتيال في مواسم الحشود الكبرى، وعلى رأسها موسم الحج، فمع استشعار الأمن العام لخطورة استغلال المناسك الدينية في عمليات النصب، أصبح التدخل المبكر والضبط الفوري أولوية قصوى، وتبقى الرسالة واضحة: موسم الحج تحت الحماية والرعاية، وكل محاولة للمساس به ستُقابل بالحزم والعقوبة.