البنوك السعودية تُطلق شراكة نوعية بإنشاء مركز التميز للتوحد
البنوك السعودية تُطلق شراكة نوعية بإنشاء مركز التميز للتوحد
كتب بواسطة: مختار العسلي |

في إطار التزامها بالمسؤولية الاجتماعية وتعزيز دورها في خدمة المجتمع، أعلنت البنوك السعودية عن مساهمتها الفاعلة في إنشاء وتشغيل مركز التميز للتوحد، في خطوة نوعية تُعزز من الجهود الوطنية لتمكين الأشخاص ذوي اضطراب طيف التوحد وتوفير بيئة متخصصة لدعمهم وتمكينهم من الاندماج في المجتمع، وهذه المبادرة تأتي ضمن توجه أوسع من القطاع المصرفي السعودي للمساهمة في التنمية المستدامة من خلال دعم المشاريع الاجتماعية والإنسانية ذات الأثر العميق والمستدام.

ويُعد مركز التميز للتوحد أحد أبرز المشاريع الوطنية في مجال الرعاية والتأهيل، حيث يهدف إلى تقديم خدمات نوعية للأطفال المصابين بالتوحد وأسرهم، من خلال برامج علاجية وتأهيلية مبنية على أحدث الأساليب العلمية، وقد جاءت مساهمة البنوك السعودية في هذا المشروع انطلاقاً من إيمانها بأن التنمية لا تقتصر على الجانب الاقتصادي فحسب، بل تشمل كذلك تعزيز رأس المال البشري وتوفير بيئة حاضنة للفئات الأكثر احتياجاً في المجتمع.

المركز الذي تأسس بالشراكة بين عدد من الجهات الحكومية والخاصة، يُعد الأول من نوعه في المملكة من حيث التخصص والكفاءة، ويطمح ليكون مرجعاً وطنياً وإقليمياً في مجال أبحاث التوحد والعلاج السلوكي، وتُشكل مساهمة البنوك السعودية في إنشاء وتشغيل المركز نموذجاً يحتذى به في الشراكة المجتمعية، حيث لم تقتصر على الدعم المالي فقط، بل امتدت إلى المساهمة في وضع خطط التطوير، وضمان استدامة التمويل، والإشراف على جودة الخدمات المقدمة.

القطاع المصرفي في المملكة بدأ خلال السنوات الأخيرة في توسيع دوره الاجتماعي من خلال إطلاق وتمويل مبادرات في مجالات التعليم والصحة والتمكين الاقتصادي، وتأتي مساهمته في مركز التميز للتوحد كجزء من هذا التوجه، خصوصاً في ظل الرؤية السعودية 2030 التي وضعت من بين أهدافها بناء مجتمع حيوي وشامل يُعزز التكافل الاجتماعي ويحتضن التنوع والاختلاف، وقد عكس هذا المشروع التزام البنوك بالعمل وفق معايير المسؤولية المؤسسية وتحقيق أثر حقيقي في حياة الأفراد.

من المنتظر أن يُقدم مركز التميز خدماته لفئات عمرية مختلفة، كما يتضمن وحدات مخصصة للتقييم والتشخيص والتدخل المبكر، إلى جانب ورش عمل لأولياء الأمور والكوادر التعليمية والطبية، كما يضم المركز قسماً متخصصاً للأبحاث، في مسعى لتعزيز المعرفة حول التوحد في المملكة وتطوير أدوات التشخيص والعلاج بما يتناسب مع البيئة الثقافية المحلية، وتُسهم هذه الجهود في سد الفجوة الكبيرة في الخدمات المقدمة للأشخاص ذوي التوحد، خصوصاً في المناطق التي تفتقر لمراكز متخصصة.

وتعكس هذه الخطوة وعياً متزايداً من القطاع المصرفي بدوره في دعم الفئات ذات الاحتياجات الخاصة، حيث يرى الخبراء أن مساهمات المؤسسات المالية الكبرى يمكن أن تُحدث تحولاً ملموساً في البنية الاجتماعية عندما تُوظف بشكل استراتيجي ومدروس، وقد أبدى عدد من أولياء الأمور وممثلي جمعيات التوحد ترحيبهم بهذه الخطوة، مشيرين إلى أن وجود مركز بهذا المستوى من التخصص يُمثل بارقة أمل لعشرات الآلاف من الأسر السعودية.

ومع افتتاح المركز وتشغيله الكامل، يُتوقع أن تُسهم خدماته في رفع جودة حياة الأطفال المصابين بالتوحد، وتقليص العبء النفسي والاجتماعي عن أسرهم، إلى جانب تدريب الكوادر السعودية المتخصصة وتأهيلهم لتقديم رعاية مهنية بمعايير عالمية، كما سيكون للمركز دور في التوعية المجتمعية، من خلال حملات تستهدف المدارس والمؤسسات العامة لتعزيز دمج المصابين بالتوحد في البيئة التعليمية والاجتماعية بشكل أفضل.

في المحصلة، يُعد إنشاء مركز التميز للتوحد بدعم من البنوك السعودية نموذجاً متقدماً للتنمية الاجتماعية المستدامة، يجمع بين الدور المؤسسي والالتزام الوطني، ويعكس قدرة القطاع الخاص على أن يكون شريكاً أساسياً في تحقيق تطلعات المجتمع السعودي، وبينما تتجه المملكة نحو تعزيز جودة الحياة لجميع فئات المجتمع، تبرز مثل هذه المبادرات كعلامة مضيئة على الطريق نحو مجتمع أكثر شمولاً وإنصافاً واحتواءً.