في إطار جهود المملكة المستمرة للارتقاء بتجربة ضيوف الرحمن، يبدأ المركز الوطني لقياس أداء الأجهزة العامة "أداء" أعماله لقياس مستوى الخدمات المقدمة لحجاج بيت الله الحرام خلال موسم حج هذا العام 1446هـ، وذلك في مدينتي مكة المكرمة والمدينة المنورة، وفي المشاعر المقدسة، تحقيقًا لمستهدفات رؤية المملكة 2030 في تقديم تجربة حج نموذجية وعالية الجودة.
ويغطي برنامج القياس الشامل لهذا العام 86 خدمة تُقدَّم من قبل 17 جهة حكومية، تشمل كافة مراحل رحلة الحاج، بدءًا من استخراج تصاريح الحج، والاستعداد للسفر، ومرورًا بأداء المناسك والتنقل بين المشاعر، وانتهاءً بزيارة المسجد النبوي الشريف، ثم العودة الآمنة إلى بلدانهم. وتم تصميم هذا القياس المتكامل ليتتبع بدقة تفاصيل تجربة الحاج، ويحدد بدقة نقاط التميز وفرص التحسين.
وأكد المدير العام للمركز المهندس راشد بن عبدالله القعود أن هذه الخطوة تأتي في سياق الاهتمام الكبير الذي توليه القيادة الرشيدة - حفظها الله - بخدمة ضيوف الرحمن، وتوفير أفضل مستويات الرعاية والخدمة لهم منذ لحظة وصولهم وحتى مغادرتهم، مشيرًا إلى أن مركز "أداء" يعمل على مدار العام لمتابعة جودة الخدمات الحكومية وقياس رضا المستفيدين منها، وبشكل خاص في المواسم الكبرى مثل موسم الحج.
وأوضح القعود أن المركز يعتمد في عمليات القياس على أدوات علمية ومنهجيات دقيقة تم تطويرها بعناية لتناسب خصوصية الحج، حيث تتضمن الاستبانات الإلكترونية التي تُوجَّه مباشرة للحجاج، والمقابلات الميدانية التي تجرى في أماكن تقديم الخدمة، إضافة إلى "الحاج الخفي"، وهو أسلوب رقابي ذكي يهدف إلى تقييم الأداء من منظور المستفيد الحقيقي في بيئة طبيعية، دون معرفة الجهات المقدمة للخدمة.
وتُجرى عمليات القياس هذا العام في عدد من المواقع الحيوية والرئيسية التي تمثل محطات مركزية في رحلة الحاج، منها: الحرم المكي الشريف، المسجد النبوي، المشاعر المقدسة (منى، عرفات، مزدلفة)، مطار الملك عبدالعزيز الدولي في جدة، ومطار الأمير محمد بن عبدالعزيز الدولي في المدينة المنورة، وذلك لضمان شمولية القياس وتنوع مصادر البيانات.
وأشار القعود إلى أن نتائج هذا القياس لا تقتصر على التقييم فقط، بل تمثل قاعدة بيانات استراتيجية تُرفع إلى الجهات الحكومية المعنية لتحسين خدماتها وتطويرها، كما تُمكّن صُنّاع القرار من التعرف على مستوى رضا الحجاج وتوقعاتهم، واتخاذ الإجراءات التصحيحية الفاعلة بناءً على مؤشرات دقيقة وواقعية.
ويُعدّ هذا النهج أحد أبرز مسارات التحول المؤسسي الذي تنتهجه المملكة لتعزيز كفاءة القطاع الحكومي وتحقيق أقصى درجات الشفافية والمحاسبة، ويؤكد في الوقت ذاته التزام السعودية الراسخ بجعل رحلة الحج تجربة إيمانية وإنسانية لا تُنسى، مدعومة بأعلى معايير الجودة والتميّز التشغيلي.
وتؤكد هذه الجهود تكامل الأدوار بين الجهات الحكومية، حيث تتقاطع جهود "أداء" مع أهداف وزارة الحج والعمرة، ووزارة الشؤون الإسلامية، ووزارة الصحة، وهيئة تطوير مكة والمشاعر، وغيرها من الجهات المعنية، بما يحقق المنظومة المتكاملة التي تنشدها رؤية 2030 لتكون المملكة رائدة عالميًا في خدمة الحجاج والمعتمرين.
وفي الوقت الذي تستعد فيه المملكة لاستقبال الملايين من حجاج بيت الله الحرام، يأتي هذا القياس كخطوة جوهرية لتعزيز جودة الأداء، واستدامة التميز في تقديم الخدمات، ومواصلة رحلة التطوير التي لم تتوقف منذ تأسيس الدولة وحتى اليوم، ليبقى موسم الحج علامة فارقة في سجل الإنجازات الوطنية، وصورة مشرقة تعكس عمق العناية والاهتمام السعودي بركن الإسلام الخامس.