تواصل الهيئة العامة للأوقاف تعزيز دورها الريادي في خدمة ضيوف الرحمن، عبر تسخير إمكاناتها الوقفية ومبادراتها التنموية، في سبيل دعم المشروعات التطويرية المرتبطة بموسم الحج، بما يُسهم في تيسير أداء المناسك للحجاج، وتوفير بيئة آمنة، مريحة، ومتكاملة لهم، تعكس القيم الإسلامية في العناية بالإنسان وخدمته.
وفي إطار رؤيتها لتعظيم أثر الوقف في التنمية المجتمعية، خصّصت الهيئة أكثر من 600 وقف لخدمة الحجاج، من بينها 450 وقفًا ترتبط مباشرة بأعمال الحج، و150 وقفًا تدعم الخدمات العامة ذات العلاقة.
وتتنوع هذه الأوقاف لتشمل مجالات الإرشاد والتوعية، والإيواء، والنقل، والترجمة، والسلامة، والبرامج التعليمية، وغيرها من المبادرات التي تُحسّن من تجربة الحاج وتُعزز جودة الخدمات المقدمة له في أطهر بقاع الأرض.
ولا تقف جهود الهيئة عند الجانب الخدمي الميداني فقط، بل تمتد إلى إعادة تأهيل الأوقاف التاريخية في مكة المكرمة، عبر برنامج ضخم تتجاوز قيمته 100 مليون ريال، يهدف إلى إحياء الدور التاريخي لتلك الأوقاف، التي لطالما شكّلت عبر القرون ملاذًا آمنًا ومصدر راحة للحجاج والمعتمرين، لتعود اليوم بحُلّة جديدة تدمج بين البُعد التراثي والوظيفة الحديثة، ضمن رؤية استراتيجية تعكس هوية المكان وقدسيته.
ويأتي ذلك في وقت تشهد فيه مكة المكرمة توافدًا متزايدًا للحجاج من مختلف دول العالم، وهو ما يعكس حجم المسؤولية الوطنية والإنسانية التي تتحملها المملكة، ممثلة بمختلف أجهزتها، لتقديم أفضل الخدمات لضيوف الرحمن.
ومن هذا المنطلق، تسهم الهيئة العامة للأوقاف بدور تكاملي مع باقي القطاعات، لضمان موسم حج متكامل من حيث التنظيم، والجودة، والاستدامة.
ويتوزع العمل الوقفي لخدمة الحج على مستوى المملكة بأكملها، حيث يوجد أكثر من 100 وقف في مدينة الرياض، وأكثر من 90 وقفًا في مكة المكرمة، وأكثر من 50 وقفًا في القصيم، إلى جانب أكثر من 25 وقفًا في المدينة المنورة، وأوقاف أخرى تغطي سائر مناطق المملكة.
ويعكس هذا التوزيع شمولية الرؤية الوقفية، واتساع نطاق العمل الخيري المؤسسي، في سبيل تيسير رحلة الحاج من لحظة وصوله حتى مغادرته، في كل نقطة يمر بها داخل المملكة.
كما تؤكد الهيئة التزامها الدائم بـحوكمة قطاع الأوقاف، والمحافظة عليه وتطويره، عبر إطلاق مبادرات نوعية، ومنتجات مبتكرة، تضمن استمرارية العطاء الوقفي وتنميته، وتُحقق شروط الواقفين بما يضمن الأثر الدائم والمتجدد لهذا القطاع الحيوي.
ويشمل ذلك سن الأنظمة واللوائح التنظيمية، وتطبيق أفضل الممارسات العالمية، بما يُمكّن الوقف من القيام بدوره التنموي الفاعل في مختلف المجالات.
وتسعى الهيئة من خلال هذا النهج إلى أن يكون قطاع الأوقاف رافدًا أساسيًا للتنمية المستدامة، على الصعيدين المحلي والعالمي، وهو ما يتماشى مع مستهدفات رؤية المملكة 2030 التي تنظر للوقف كأداة مؤسسية مهمة لتعزيز المشاركة المجتمعية، وتوليد الأثر الاقتصادي والاجتماعي المستدام.
ويُعد موسم الحج من أبرز المحطات السنوية التي تُبرز أثر الوقف، حيث تتجلى مبادئ الكرم والعطاء والرعاية المتأصلة في الثقافة الإسلامية، وقدرة المملكة على توظيف أدواتها الوقفية في تحسين جودة حياة الحجاج، وتقديم صورة مشرّفة عن الإسلام في أبعاده الإنسانية والتنظيمية.
وختامًا، فإن ما تقوم به الهيئة العامة للأوقاف من دعم مباشر وغير مباشر لمناشط الحج، ليس فقط دليلاً على فاعلية القطاع الوقفي، بل أيضًا نموذج ملهم لتكامل الجهود بين الدولة والمجتمع في خدمة الإسلام والمسلمين، عبر عمل مؤسسي محترف، يُدرك متطلبات الحاضر، ويستثمر طاقات الوقف لصناعة مستقبل أكثر إشراقًا واستدامة.