في إطار استعداداتها الشاملة لموسم حج عام 1446هـ، وحرصًا منها على تقديم أفضل مستويات الخدمة لحجاج بيت الله الحرام، كثّفت أمانة العاصمة المقدسة أعمالها الميدانية والبلدية داخل مشعر منى، ضمن خطتها التشغيلية الدقيقة لهذا الموسم المبارك، وتأتي هذه الخطوة كجزء من الجهود المتواصلة لتوفير بيئة صحية وآمنة للحجيج، بما يعكس حجم العناية التي توليها المملكة العربية السعودية لحسن تنظيم مناسك الحج، وضمان سلامة وراحة ضيوف الرحمن.
وقد قامت الأمانة بتعزيز فرق العمل الميدانية المنتشرة في المشعر من خلال دعم جميع مراكز الخدمات البلدية التي تشرف عليها في منى، والبالغ عددها اثنين وعشرين مركزًا، وتم توزيع هذه المراكز بعناية وفق خريطة جغرافية شاملة تغطي جميع المواقع داخل المشعر، بما في ذلك المناطق عالية الكثافة، وذلك لضمان كفاءة العمليات الميدانية وسرعة التدخل عند الحاجة، وتؤدي هذه المراكز أدوارًا حيوية تتنوع بين الرقابة الصحية، ومهام الإصحاح البيئي، وإدارة عمليات النظافة العامة، إضافة إلى مراقبة الأسواق والمباسط النظامية، فضلًا عن رصد ومنع المظاهر السلبية والأنشطة العشوائية التي قد تؤثر على انسيابية الحركة أو الصحة العامة.
وفي إطار سعيها لرفع مستوى الأداء الميداني، خصصت الأمانة أعدادًا إضافية من المعدات والآليات الحديثة، من ضمنها المكانس الآلية المتطورة وشفاطات النفايات، التي تم توزيعها استراتيجيًا في عدة مواقع رئيسية، خصوصًا في محيط منشأة الجمرات والممرات المؤدية إليها، وقد تم ذلك وفق خطة تشغيلية مرنة تضمن تدخلًا سريعًا لإزالة المخلفات أولا بأول، مما يضمن بيئة نظيفة وصحية، ويُسهم في حماية الحجاج من التعرض لأي ملوثات بيئية، خاصة في ظل الكثافة البشرية العالية التي يشهدها هذا الموقع خلال أيام النحر والتشريق.
ولم تقتصر جهود الأمانة على الجانب الفني فقط، بل تم تعزيز التواجد الرقابي أيضًا، حيث كثّفت الفرق الرقابية جولاتها التفتيشية خلال أيام عيد الأضحى، مع التركيز بشكل خاص على مواجهة الظواهر السلبية التي قد تؤثر سلبًا على الحجاج، وتصدّرت مكافحة ظاهرة الحلاقين العشوائيين هذه الجهود، حيث تم رصد عدد من المواقع التي ينشط فيها هؤلاء المخالفون، والعمل على ملاحقتهم والحد من انتشارهم، بالتعاون مع الجهات الأمنية ذات العلاقة، كما تم التعامل مع الباعة الجائلين الذين يمارسون نشاطهم في المناطق المزدحمة، نظرًا لما يشكله ذلك من خطر على السلامة العامة، وتسببه في إعاقة حركة الحجيج داخل المشعر.
وفي خطوة احترازية واستباقية، استعانت الأمانة بأكثر من ألفي مراقب صحي ومؤقت، تم توزيعهم وفق خطة تشغيلية دقيقة على عدد من النقاط الحرجة داخل مشعر منى، وعلى رأسها المسالخ والمجازر الرسمية التي تشهد إقبالًا كبيرًا في أيام العيد، وتم تدريب هؤلاء المراقبين على أعلى المستويات المهنية، بهدف ضمان تنفيذ الإجراءات الرقابية وفق المعايير الصحية المتبعة، والتدخل السريع لمعالجة أي طارئ محتمل، بما يكفل سلامة الحجيج والمرافق المحيطة بهم.
إلى جانب ذلك، يواصل منسوبو الأمانة، البالغ عددهم قرابة 2500 فرد، تنفيذ المهام الميدانية الموكلة إليهم ضمن منظومة تشغيلية تعمل على مدار الساعة، وتتكامل فيها المهام الرقابية والفنية والخدمية، بما يضمن تقديم أفضل مستوى من الخدمات في جميع الأوقات، ويعزز من كفاءة الاستجابة السريعة لأي مستجدات ميدانية قد تطرأ خلال فترة ذروة الحج.
وتُعد هذه الجهود امتدادًا للنهج الذي تتبعه أمانة العاصمة المقدسة سنويًا في مواسم الحج، حيث تعمل على تسخير كافة الإمكانات البشرية والفنية والتقنية لدعم نجاح الموسم، بالتنسيق مع بقية الجهات الحكومية ذات العلاقة، في منظومة متكاملة هدفها الأسمى هو خدمة ضيوف الرحمن وتيسير أدائهم لشعائرهم في أجواء مريحة وآمنة، وتجسّد هذه الاستعدادات ما تمثله شعيرة الحج من أهمية قصوى في وجدان الدولة، وحرصها المستمر على تقديم صورة مشرفة عن قدرة المملكة في إدارة أعقد التجمعات البشرية السنوية بكفاءة واقتدار.
ولا يخفى أن حجم العمل الميداني المطلوب خلال موسم الحج يستوجب استعدادات استثنائية، سواء من حيث التخطيط اللوجستي، أو من حيث توزيع الأدوار والمسؤوليات بين الفرق العاملة، وقد عملت الأمانة منذ وقت مبكر على تدريب وتأهيل الكوادر العاملة في الميدان، وتوفير جميع المستلزمات الفنية والوقائية التي تضمن أداء المهام دون أي عوائق، فضلًا عن الاستفادة من تقنيات الذكاء الاصطناعي وأنظمة التتبع الذكية التي تساعد في مراقبة سير الأعمال بشكل فوري وتفاعلي.
ويُتوقع أن تُسهم هذه التحضيرات المتقدمة في تقديم تجربة حج أكثر راحة وسلاسة للحجاج، خاصة مع التطورات التي شهدها مشعر منى من حيث التوسعة وتحسين البنية التحتية خلال السنوات الماضية، مما يجعل من جهود الأمانة عنصرًا تكامليًا يدعم استقرار منظومة الحج ويُسهم في تقليل حجم الشكاوى والملاحظات بشكل ملحوظ مقارنة بالسنوات السابقة.
وفي ختام هذا العرض، تؤكد أمانة العاصمة المقدسة أنها تواصل العمل بلا كلل على مدار الساعة، وبكل ما أوتيت من موارد، للارتقاء بمستوى الخدمات البلدية المقدمة في المشاعر المقدسة، انطلاقًا من إيمانها العميق بعظمة هذه الشعيرة، وحرصها على أداء دورها الخدمي والرقابي بما يعكس الصورة الحضارية للمملكة، ويُحقق تطلعات القيادة الرشيدة في تقديم أفضل الخدمات لضيوف الرحمن، وتمكينهم من أداء مناسكهم بكل يُسر وطمأنينة.