الحج 1446
"من تونس إلى منى.. شهادات إعجاب بتنظيم الحج السعودي"
كتب بواسطة: هلال الحداد |

في كل موسم حج، تُثبت المملكة العربية السعودية تفوقها العالمي في إدارة الحشود، وسط منظومة دقيقة من التخطيط والتنفيذ والإشراف الميداني، تجعل من رحلة الحج تجربة روحانية سلسة وآمنة لملايين المسلمين القادمين من مختلف بقاع الأرض.

هذا الإنجاز السنوي المتكرر لم يأتِ صدفة، بل هو نتاج سنوات من التراكم المعرفي، والاستثمار في البنية التحتية، والكفاءات الوطنية التي سخّرت كل طاقتها لتقديم أرقى مستويات الخدمة لضيوف الرحمن.

وقد أجمع عدد من ضيوف برنامج خادم الحرمين الشريفين للحج والعمرة والزيارة، الذي تشرف عليه وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد، على أن ما تقدمه المملكة من خدمات نوعية متكاملة في المشاعر المقدسة يفوق التوقعات، ويعكس مستوى راقياً من التقدم والتنظيم. وأكد الضيوف أن المملكة تبهرهم كل عام بإنجازات ميدانية متسارعة تجعل من أداء المناسك أكثر سهولة وأمانًا.

من بين هؤلاء، عبّر مدير إدارة الاتصال بالتلفزة التونسية الرسمية، إلياس بن عبدالجليل، عن اندهاشه من روعة التنظيم والانسيابية التي لمسها في مختلف مراحل رحلة الحج، بدءًا من مغادرته تونس، وصولاً إلى مطار الملك عبدالعزيز الدولي في جدة، وحتى مقر إقامته في مكة المكرمة. وأشاد بالحفاوة والاستقبال الدافئ الذي حظي به هو وبقية الضيوف، مؤكدًا أن الجهود المبذولة تُظهر حرص المملكة على راحة الحجاج وكرامتهم.

وأشار بن عبدالجليل إلى أن البرنامج يولي أهمية كبيرة للجوانب الدينية والثقافية، حيث يتم توفير لجنة شرعية مرافقة للضيوف للرد على استفساراتهم الدينية بدقة ووضوح، إلى جانب تنظيم زيارات ثقافية ثرية، أبرزها زيارة مصنع كسوة الكعبة، التي وصفها بأنها تجربة ملهمة ومليئة بالمعلومات التي لم تكن معروفة لدى كثير من الضيوف، ما يعكس البعد التثقيفي العميق للبرنامج.

وتطرق إلى البنية الأساسية المتطورة التي تتمتع بها منشأة الجمرات، واصفًا إياها بـ"المذهلة"، مشيرًا إلى أنها صُممت بأدق التفاصيل لتوزيع الحشود على عدة طوابق بطريقة تضمن انسيابية الحركة، وتمنع التكدس أو الازدحام. وأكد أن المملكة تملك من الخبرات المتراكمة ما يجعل تجربتها في إدارة الحشود تُدرَّس عالميًا في الجامعات والمعاهد المتخصصة.

من جهته، قال رئيس المجلس العلمي محمد مشان إن عملية رمي الجمرات تمّت بسهولة ويسر، بفضل التنظيم المتقن الذي لمسه الحجاج في كل خطوة من خطواتهم.

وأضاف أن الأجواء الروحانية التي يعيشها ضيوف الرحمن وسط هذا التنظيم الدقيق تترك أثرًا عميقًا في النفوس، وتزيد من خشوعهم، مبينًا أن كل ما يقدم من خدمات هو عمل جليل، سيبقى في صحائف أعمال من يسهمون فيه.

وأشاد مشان بالعاملين في مختلف قطاعات خدمة الحجاج، واصفًا إياهم بأنهم نموذج يحتذى به في التفاني والإخلاص. وقال: "نرى بأعيننا صورًا مشرقة للعطاء، من رجال ونساء يعملون بصمت من أجل راحة الحاج، وهذا أمر نفتخر به، ويُظهر أن المملكة لا تقدم مجرد خدمات لوجستية، بل تُسهم في تعظيم شعائر الحج عبر بيئة روحانية متكاملة".

وفي ظل هذه الشهادات التي تتكرر سنويًا من ضيوف مختلف الدول، يبرز الدور الريادي للمملكة في جعل الحج تجربة فريدة على المستويين الديني والإنساني، من خلال التكامل بين مختلف الجهات الحكومية، والتوظيف الذكي للتقنيات الحديثة، والتخطيط الاستراتيجي القائم على إدارة المخاطر، وضمان أقصى درجات السلامة والأمان.

إن ما تُقدمه المملكة لا يقتصر على خدمات ميدانية فحسب، بل يشمل أيضًا بعدًا إنسانيًا وأخلاقيًا يعكس رسالتها الإسلامية في رعاية ضيوف الرحمن، وهو ما يجعل الحجاج يعودون إلى أوطانهم حاملين ذكريات لا تُنسى، وانطباعات إيجابية عن المملكة وشعبها وقيادتها، التي تضع خدمة الحجيج على رأس أولوياتها، وتعتبرها شرفًا ومسؤولية وطنية ودينية.

ومع استمرار تدفق الحجاج إلى المشاعر المقدسة، يتأكد العالم عامًا بعد عام من أن السعودية ليست فقط موطنًا للحرمين الشريفين، بل هي أيضًا رائدة عالميًا في إدارة أعظم تجمع بشري على وجه الأرض، بإتقان لا مثيل له، وخدمة تتجدد وتتحسن عامًا بعد عام.