امتثال
امتثال: 71% انخفاض بالملاحظات الرقابية في موسم حج 1446
كتب بواسطة: سعيد الصالح |

شهد موسم حج هذا العام تطورًا ملحوظًا في الأداء الرقابي وجودة الخدمات المقدمة لحجاج بيت الله الحرام، حيث سجلت مؤشرات الأداء انخفاضًا لافتًا في عدد الملاحظات الرقابية بنسبة تجاوزت 71% مقارنةً بالموسم السابق، ما يُعد إنجازًا نوعيًا يعكس مدى فاعلية الخطط التوعوية والتنظيمية التي وضعتها وزارة الحج والعمرة بالتعاون مع الجهات ذات العلاقة ضمن منظومة الحج المتكاملة، ويُعتبر هذا الانخفاض الكبير في عدد الملاحظات الميدانية دليلاً قاطعًا على التزام مختلف الجهات بمعايير التشغيل، وانعكاسًا إيجابيًا للاستعدادات الدقيقة والتنسيق المشترك بين مختلف القطاعات ذات الصلة.

وتُعزى هذه النتائج الإيجابية إلى منهجية العمل التي تبنتها الوزارة منذ وقت مبكر، حيث وضعت معايير واضحة وقابلة للقياس تُمكّن من متابعة تنفيذ الخدمات بدقة، مع التركيز على الجولات الرقابية الاستباقية التي يتم تنفيذها في مختلف مواقع الخدمة، ويأتي ذلك ضمن خطة رقابية متكاملة تشرف على تنفيذها فرق ميدانية تابعة لمركز "امتثال"، أحد أبرز المراكز الرقابية التابعة لوزارة الحج والعمرة، الذي أُنشئ ليُشكل ذراعًا رقابيًا فاعلًا في متابعة الامتثال والالتزام بمعايير التشغيل والجودة طوال فترة الموسم.

وفي هذا السياق، كثفت الوزارة من وجودها الميداني في مشعر منى، بالتزامن مع ثاني أيام التشريق، من خلال إطلاق سلسلة من الجولات الرقابية المكثفة التي استهدفت الوقوف ميدانيًا على جودة الخدمات المقدمة في مساكن الحجاج والمخيمات والمطابخ المركزية، فضلًا عن المرافق التشغيلية والإدارية المرتبطة بمكاتب حملات الحج وشركات تقديم الخدمات المعتمدة، وقد قامت الفرق الرقابية بالتأكد من توافر اشتراطات السلامة والبيئة، واستيفاء البنود التعاقدية المبرمة بين مزودي الخدمات والحملات، بما يضمن تقديم خدمات تليق بالحجاج وتُعينهم على أداء مناسكهم بروح من السكينة والطمأنينة.

وقد كشفت وزارة الحج والعمرة عن بيانات رقمية دقيقة تشير إلى أن عدد الجولات الرقابية المنفذة حتى تاريخه تجاوز 62 ألف جولة ميدانية، وهو رقم غير مسبوق يُبرز حجم الجهود المبذولة والاهتمام المتزايد برفع كفاءة الرقابة، ويأتي ذلك ضمن إطار خطة رقابية استباقية تهدف إلى رصد أوجه القصور إن وجدت، ومعالجتها بشكل فوري، دون أن يؤثر ذلك على سير الخدمات المقدمة للحجاج، وقد أسهم هذا النهج الرقابي في رفع نسبة الامتثال العام إلى ما يقارب 97%، بينما لم تتجاوز نسبة عدم الامتثال 3% فقط، وهي نسبة تُعد من أدنى النسب المسجلة في تاريخ مواسم الحج.

وتجدر الإشارة إلى أن مركز "امتثال" يعوّل في عمله على فرق رقابية ميدانية تم تأهيلها وتدريبها على أحدث الأساليب الرقابية، كما تم تزويدها بأجهزة وتقنيات رقمية تُمكنها من رصد المخالفات لحظيًا، ورفعها بشكل مباشر إلى غرف العمليات، مما يُسهم في تسريع الاستجابة وتصحيح الخلل بشكل فوري، ويُعد هذا النموذج الرقابي أحد أبرز ملامح التحديث الذي تشهده منظومة الحج في المملكة، بما يتوافق مع رؤية المملكة 2030، التي تستهدف تحسين جودة الحياة، وتقديم خدمات ذات مستوى عالٍ لضيوف الرحمن.

وقد أكدت وزارة الحج والعمرة في بيان رسمي لها أن مواصلة تنفيذ هذه الجولات الرقابية المكثفة في ثاني أيام التشريق يُعد امتدادًا لسياسة رقابية حازمة لا تقبل التهاون، وتسعى لضمان الالتزام الكامل من قبل جميع الجهات المقدمة للخدمة بمعايير الجودة والمهنية، مع التأكيد على أن كل حاج يستحق الحصول على خدمة متكاملة، ضمن بيئة مهيأة تساعده على أداء شعائره بأفضل صورة ممكنة.

ويُذكر أن الجهود الرقابية المكثفة لم تقتصر فقط على الرصد والمعالجة، بل امتدت إلى أعمال التوجيه والتوعية وتقديم الدعم الفني للمخيمات والمنشآت، حيث تقوم فرق مركز "امتثال" بإرشاد مقدمي الخدمة إلى طرق التصحيح الفورية، وتعزيز ثقافة الجودة والامتثال في الميدان، بما يضمن ديمومة التطوير وتحقيق مستوى متقدم من الأداء التنظيمي والإنساني على حد سواء.

وتمثل هذه النتائج المميزة في خفض حجم الملاحظات الرقابية، ورفع نسب الامتثال، دليلًا عمليًا على نضوج المنظومة الرقابية، واستيعاب القطاعات المعنية لدورها الجوهري في تحسين بيئة الخدمة، وتوفير مناخ آمن وصحي للحجاج، ما يجعل من موسم حج هذا العام نموذجًا يحتذى في حسن الإدارة وكفاءة التشغيل.

وفي ضوء هذه الإنجازات، تؤكد وزارة الحج والعمرة أنها ماضية في تطوير أدواتها الرقابية، وتعزيز مهارات فرقها الميدانية، والاستفادة من التقنية الرقمية في دعم عملية اتخاذ القرار، مشيرة إلى أن التركيز في المواسم القادمة سيكون على التوسع في برامج التدريب، وتطوير مؤشرات الأداء، وتحفيز المنشآت المتميزة على تقديم أفضل ما لديها من خدمات، في سياق تنافسي إيجابي يُسهم في الارتقاء بمستوى الخدمات المقدمة لضيوف الرحمن.