حج 1446
خدمة ذكية لحفظ أمتعة الزوار في المسجد الحرام على مدار الساعة
كتب بواسطة: محمد الخوري |

في خطوة نوعية تهدف إلى تعزيز راحة الزائرين وتحسين تجربتهم في المسجد الحرام، أعلنت الهيئة العامة للعناية بشؤون الحرمين الشريفين عن إطلاق خدمة ميدانية متكاملة لحفظ الأمتعة، تعمل على مدار الساعة، وتُدار بأنظمة ذكية ومتطورة تواكب التحول الرقمي الذي تسعى المملكة إلى ترسيخه في جميع قطاعاتها، لا سيما في خدمة ضيوف الرحمن.

وتُعد هذه الخدمة إحدى المبادرات الرائدة ضمن حزمة من الخدمات النوعية التي توفرها الهيئة خلال موسم الحج، حيث تهدف إلى تخفيف العبء عن الحجاج والمعتمرين، وتمكينهم من أداء عباداتهم داخل المسجد الحرام بأريحية تامة دون الحاجة لحمل الأمتعة أو القلق بشأن سلامتها أثناء تواجدهم في مواقع الصلاة أو أثناء الطواف والسعي.

وبحسب البيان الصادر عن الهيئة، فإن الخدمة تعتمد على أربعة مراكز رئيسية مخصصة لحفظ الأمتعة، وقد تم تجهيزها بالكامل بأحدث التقنيات الذكية التي تضمن انسيابية الاستلام والتسليم، ودقة البيانات، وسرعة الإجراءات، وذلك من خلال ربط ميداني إلكتروني متكامل يعتمد على رموز تعريف إلكترونية (QR Code)، تُستخدم لتسجيل وتوثيق الأمتعة إلكترونيًا عند لحظة التسليم والاستلام.

وتُغطي هذه الخدمة كامل ساعات اليوم، حيث تعمل المراكز الأربعة على مدار 24 ساعة يوميًا طوال موسم الحج، مما يُتيح للزائرين استخدام الخدمة في أي وقت يناسبهم، دون الحاجة إلى الالتزام بساعات محددة، وهو ما يُعد نقلة نوعية في التعامل مع احتياجات الحجاج الديناميكية والمتغيرة.

وتعزز الخدمة منظومة الأمن والسلامة في المسجد الحرام، إذ يتم فحص الأمتعة بدقة عند مراكز الحفظ، كما تُسجل بياناتها بالكامل، ويُصدر لكل زائر إيصال إلكتروني موثّق يحتوي على كافة تفاصيل الأمتعة، ما يُتيح له تتبع الأمانات والاطمئنان على وجودها في مكان آمن وخاضع للمراقبة الدقيقة.

ويجري حفظ الأمتعة داخل مواقع مخصصة تعتمد على أنظمة تخزين حديثة، تضمن الحفاظ على محتوى الأمتعة من التلف أو الضياع أو العبث، كما أن المراكز مزوّدة بكاميرات مراقبة أمنية، وفِرق إشرافية متخصصة تتابع حركة الأمتعة بشكل مستمر، وتقوم بتطبيق أعلى معايير الجودة والسلامة، بما ينسجم مع توجيهات القيادة الرشيدة في تسخير كافة الإمكانات لراحة الحجاج.

وقد وزّعت الهيئة مراكز الخدمة بشكل استراتيجي على أربعة مواقع رئيسية في محيط المسجد الحرام، تضمن سهولة الوصول إليها من قبل الزائرين دون الحاجة لبذل جهد إضافي، وتشمل هذه المواقع: الساحة الغربية خلف دورات مياه رقم 5، شارع أجياد بجوار دورات مياه رقم 9، مركز العناية بالمرافق في الساحة الغربية، موقع جوار مكتبة مكة المكرمة في الساحة الشرقية.

وتهدف هذه التوزيعات المكانية المدروسة إلى تغطية نطاق واسع من محيط الحرم الشريف، ما يسهّل على الزائرين الوصول إلى أقرب مركز لحفظ أمتعتهم دون الحاجة للتنقل مسافات طويلة، وهو ما ينعكس إيجابًا على انسيابية الحركة داخل المسجد الحرام ومحيطه.

وتسعى الهيئة من خلال هذه المبادرة إلى رفع جودة تجربة الزائرين في المسجد الحرام، ضمن إطار رؤية شاملة تركّز على تعزيز البنية التحتية الذكية، والارتقاء بالخدمات الميدانية، وتوفير بيئة آمنة ومريحة تعين الزائر على التفرغ للعبادة والخشوع دون انشغال بأمور دنيوية قد تُعكّر صفو رحلته الإيمانية.

كما تندرج هذه المبادرة ضمن الاستراتيجية الوطنية للتحول الرقمي، حيث يتم استخدام أحدث الأنظمة التقنية لضمان الكفاءة التشغيلية، وتقليل التفاعل اليدوي، وتحقيق أعلى مستويات الدقة والشفافية في تقديم الخدمة، فضلًا عن تقليل وقت الانتظار، وتسهيل عملية الاستلام عند نهاية الزيارة.

ويُعَدّ هذا النوع من الخدمات امتدادًا للجهود المكثفة التي تبذلها المملكة، ممثلةً بالهيئة العامة للعناية بشؤون الحرمين، في سبيل تحسين تجربة الحاج والمعتمر والزائر بشكل مستمر، من خلال تحليل الاحتياجات الميدانية الفعلية، والاستجابة لها بحلول مبتكرة ومبنية على أسس علمية وتكنولوجية متقدمة.

ولقيت هذه الخدمة منذ إطلاقها إشادة واسعة من قِبل الزائرين، الذين أعربوا عن ارتياحهم الكبير لما لمسوه من سهولة الإجراء وسرعة الأداء ودقة التنظيم، مما يُسهم في تعزيز الصورة الإيجابية عن الخدمات المقدمة في المسجد الحرام، والتي أصبحت نموذجًا عالميًا في الإدارة الذكية والتكامل بين التقنية والخدمة الإنسانية.

وتعتزم الهيئة تقييم أداء هذه الخدمة خلال وبعد موسم الحج، ضمن مؤشرات أداء واضحة، تهدف إلى تطويرها وتوسيع نطاقها مستقبلًا، لتشمل مناطق أخرى، وربما تضم خدمات إضافية مثل حفظ المقتنيات الشخصية، وتقديم الدعم اللوجستي للمجموعات الكبيرة، مما يعكس التوجه الدائم نحو التوسع في الحلول الذكية داخل الحرمين الشريفين.