حج 1446
من فحص المواشي إلى مكافحة الجراد.. "وقاء" يفرض سيطرة شاملة لضمان حج آمن
كتب بواسطة: محمد سميح |

ضمن جهوده الحثيثة لحماية البيئة وضمان سلامة ضيوف الرحمن، حقق المركز الوطني للوقاية من الآفات النباتية والأمراض الحيوانية ومكافحتها "وقاء"، نتائج ميدانية نوعية خلال موسم حج عام 1446هـ، أسهمت في تعزيز سلامة الثروة الحيوانية والنباتية، وضمان بيئة خالية من الأوبئة والمخاطر الصحية، وذلك عبر منظومة متكاملة من الإجراءات الرقابية والوقائية، نُفذت بعناية فائقة وبأعلى معايير السلامة الحيوية، امتدادًا لمساعي المملكة في تقديم موسم حج صحي وآمن من جميع النواحي.

وفي إطار مهامه البيطرية، قام "وقاء" بالكشف البيطري الدقيق على أكثر من 1,194,093 رأسًا من المواشي، داخل حظائر الموردين خارج حدود المشاعر، للتأكد من مطابقتها للاشتراطات الصحية وخلوّها من الأمراض الحيوانية والمشتركة.

كما تم فسح 1,224,634 رأسًا من الإرساليات الحيوانية الواردة عبر سبعة منافذ رئيسية على الطرق المؤدية للعاصمة المقدسة، بعد التأكد من سلامتها الصحية وتطابقها مع الاشتراطات الوقائية المعتمدة. وقد شكّلت هذه الفسوحات الحيوانية عنصرًا أساسيًا في دعم استقرار سلاسل الإمداد الغذائي خلال موسم الحج وضمان سلامة ما يُقدم من لحوم الأضاحي والهدي.

ولم تقتصر جهود المركز على الجانب البيطري فقط، بل امتدت لتشمل أنشطة رقابية وتوعوية مكثفة، حيث نُفذت 3,331 جولة رقابية وتوعوية على أسواق الماشية والمسالخ، بهدف متابعة تطبيق الاشتراطات الصحية والتأكد من النظافة البيئية ومنع الممارسات المخالفة التي قد تهدد الصحة العامة.

وتنوّعت هذه الجولات ما بين رقابة ميدانية، وتوعية للتجار والعاملين، وتوزيع نشرات إرشادية تشرح السلوكيات الصحية الواجب اتباعها في التعامل مع المواشي.

وفي سياق أعمال الاستكشاف والمكافحة الحشرية، أجرى المركز 3,293 جولة ميدانية للتقصي ومكافحة نواقل الأمراض، مثل الذباب والبعوض، التي تُعد من أبرز التحديات البيئية في الأماكن المزدحمة وذات الكثافة البشرية العالية كمواقع الحج.

وتضمنت هذه الحملات استخدام مصائد ذكية، ورش موضعي في بؤر الاشتباه، ومتابعة دورية لأماكن تجمع المياه الراكدة ومخلفات الذبائح.

أما على صعيد الصحة النباتية، فقد قام "وقاء" بجهود لافتة في استكشاف الآفات الخطرة، حيث جرى رصد ما يزيد عن 97,907 هكتارات في مناطق متعددة بمكة المكرمة والمشاعر المقدسة، وذلك لرصد تحركات الجراد الصحراوي، الجندب الأسود، والنطاط، وهي من الآفات المهددة للغطاء النباتي والتوازن البيئي.

وأسهمت هذه الجولات في رفع جاهزية فرق المكافحة، وتمكينها من التدخل السريع والفعال في حال تسجيل أي مؤشرات خطرة.

وتأكيدًا على أهمية التنسيق المؤسسي، نفّذ المركز خلال الموسم فرضيتين ميدانيتين بالتعاون مع الجهات المعنية، في مجالي الآفات النباتية والأمراض الحيوانية، حيث تم محاكاة سيناريوهات واقعية لحالات طارئة بهدف اختبار كفاءة فرق الاستجابة وفعالية الخطط التشغيلية المخصصة للموسم، وهو ما يعكس مستوى الجاهزية والاستباقية الذي باتت تتميز به أعمال "وقاء".

وتُظهر هذه الأرقام والجهود حجم العمل المتكامل الذي اضطلع به المركز لضمان أن يبقى موسم الحج خاليًا من أي طارئ صحي بيئي، وهو ما يتماشى مع أهداف رؤية المملكة 2030 في تعزيز الأمن الغذائي والصحي، واستدامة الموارد الطبيعية، لا سيما في المناسبات الكبرى التي تحتضن ملايين الزوار من مختلف أنحاء العالم.

وتمثل هذه الجهود النوعية إحدى ركائز الأداء المؤسسي الحديث، حيث يعمل "وقاء" بفكر وقائي متطور، يدمج بين التقنيات الحديثة، والرصد الذكي، والتنسيق المتعدد القطاعات، بما يضمن تحقيق أعلى مستويات الأمان الصحي لحجاج بيت الله الحرام، وللمجتمع المحلي على حد سواء.

ويواصل المركز في كل موسم تثبيت حضوره كمكوّن رئيسي في منظومة السلامة العامة في الحج، واضعًا على رأس أولوياته الوقاية قبل العلاج، والعمل الاستباقي القائم على الرصد والتحليل والتدخل المدروس، ليكون أحد الشواهد البارزة على نجاح المملكة في تطوير قطاعها البيئي والصحي بما يليق بمكانتها الريادية في العالم الإسلامي.