فيسبوك تعود مجددًا للواجهة، لكن هذه المرة ليس بخاصية اجتماعية جديدة أو تحديث في الخوارزميات، بل بإجراء أمني يعتبر من أهم التحركات التقنية في عام 2025، فقد أعلنت شركة ميتا عن بدء دعم ميزة "مفاتيح المرور" في تطبيق فيسبوك على الهواتف المحمولة، وهي خطوة تبدو واضحة في نيتها تقوية دفاعات الحسابات الشخصية أمام موجات التصيّد الإلكتروني المتزايدة.
هذه التقنية التي تنقل تجربة تسجيل الدخول إلى مرحلة أكثر تطورًا وأمانًا، تعتمد على أدوات التحقق البيومترية المدمجة في الأجهزة الذكية، مثل بصمة الإصبع والتعرف على الوجه، بالإضافة إلى رمز التعريف الشخصي (PIN)، مما يعني أن سرقة الحساب لم تعد تتعلق بتخمين كلمة مرور، بل باختراق فعلي للجهاز نفسه.
الميزة تُعد نقلة نوعية بعيدًا عن المفاتيح التقليدية التي طالما كانت ضحية سهلة للقراصنة، فلا حاجة بعد اليوم لتذكر كلمات مرور معقدة، أو الوقوع في فخ صفحات تسجيل دخول مزيفة، لأن النظام يربط المفتاح الرقمي مباشرة بالموقع الصحيح ويمنع استخدامه في نطاقات غير معتمدة.
لكن تبقى نقطة الضعف، كما تشير ميتا، في رغبة بعض المستخدمين في إدخال كلمات المرور يدويًا، حتى في وجود نظام المفاتيح الآمنة، هنا يتكرر المشهد القديم: ثقة زائدة قد تفتح الباب لهجوم من صفحة مزورة، رغم وجود وسائل الحماية.
الميزة الجديدة ستصل قريبًا إلى مستخدمي فيسبوك على أنظمة أندرويد وiOS، دون تحديد موعد إطلاق دقيق، في انتظار التحديث الذي قد يُحدث فرقًا كبيرًا في نمط الاستخدام اليومي.
كما أن الخطة لا تقف عند فيسبوك فقط، فالميزة في طريقها أيضًا لتشمل تطبيق Messenger، وهو ما يؤكد أن الشركة تستهدف بيئة التواصل كاملة في شبكتها، وليس مجرد منصة واحدة.
اللافت أن خطوة ميتا تأتي بعد أن سبقتها شركات كبرى في هذا المجال، مثل جوجل وآبل ومايكروسوفت، إضافة إلى تطبيق واتساب الذي ينتمي بدوره لعائلة ميتا، مما يجعل من Passkeys معيارًا قادمًا في عالم الحماية الرقمية.
هذا الانضمام لم يكن مجرد تقليد للمنافسين، بل استجابة حقيقية لواقع تهديدات الأمن السيبراني، الذي يشهد تطورًا مستمرًا، ويحتاج إلى حلول لا تعتمد فقط على وعي المستخدم، بل تفرض الأمان كخيار افتراضي.
الميزة ستوفّر أيضًا حماية إضافية أثناء استخدام Meta Pay، خصوصًا عند إدخال بيانات الدفع، مما يعني أن الأمان لم يعد مقصورًا على الدخول فقط، بل بات يشمل المعاملات الرقمية الحساسة كذلك.
ومع ذلك، لم تُلغِ ميتا الطرق التقليدية كليًا، بل أبقت خيار تسجيل الدخول بكلمة المرور، أو عبر مفتاح أمان مادي، أو باستخدام التحقق بخطوتين، مما يمنح المستخدم حرية الاختيار بين مستويات الأمان المختلفة.
ربما تكمن القوة الحقيقية في هذا النظام في كونه لا يترك للمهاجم أي مدخل إلا الجهاز نفسه، وهو ما يزيد من صعوبة تنفيذ أي اختراق فعلي إلا من خلال سرقة الهاتف نفسه.
فيسبوك كانت دومًا هدفًا شهيرًا لهجمات التصيّد، وقرارها الحالي يمثل تحولًا جادًا في مسار تعزيز ثقة المستخدمين، خاصة بعد الانتقادات المتكررة حول ثغرات الخصوصية سابقًا.
ما يجدر ملاحظته أن هذه الخطوة ليست مجرد تحديث تقني، بل رسالة ضمنية من ميتا أنها تتحرك نحو مسؤولية أكبر في تأمين منصاتها، في وقت أصبح فيه الأمان عاملًا لا يقل أهمية عن التجربة الاجتماعية.
وبينما ننتظر إطلاق الميزة رسميًا، يبقى السؤال: هل سينجح المستخدمون في التخلّي عن العادات القديمة وتبني وسائل الدخول الحديثة؟ أم أن الثقة بكلمات المرور لن تزول بسهولة رغم كل المخاطر.
في كل الأحوال، يبدو أن ميتا قررت أن تكون جزءًا من مستقبل لا يعتمد على كلمات المرور، بل على مفاتيح رقمية يصعب كسرها، وهو ما قد يرسم بداية فصل جديد في معركة الحماية الرقمية.