ضمن مساعيها المستمرة لتطوير البنية التحتية للطرق في المملكة، أعلنت الهيئة العامة للطرق أن "كود الطرق السعودي" بات المرجع الفني الأحدث والأكثر شمولًا لتصنيف وتصميم وتشغيل شبكات الطرق، داخل وخارج النطاق العمراني، هذا الكود الجديد يأتي ضمن إطار وطني شامل يهدف إلى تعزيز جودة الحياة، وتحقيق أعلى مستويات الأمان والسلامة في تنقل الأفراد والمركبات.
وبحسب ما أوضحته الهيئة، فإن كود الطرق ينص على تصنيف دقيق للطرق حسب طبيعتها ووظيفتها، بدءًا من الطرق السريعة التي تتميز بتحكم كامل في الدخول والخروج دون تقاطعات مباشرة، وصولًا إلى الطرق المحلية المصممة لحركة مرورية محدودة داخل الأحياء، ما يعزز من سلامة المارة والمركبات على حد سواء.
كما يضم الكود الطرق الشريانية، التي تُعد شريانًا حيويًا للحركة داخل المدن وبين المناطق الرئيسة، وتُدار من خلال تقاطعات منظمة وإشارات مرورية، بالإضافة إلى الطرق التجميعية التي تربط الأحياء الداخلية بالشبكات الشريانية، مما يسهم في تنظيم انسياب الحركة وتقليل الازدحام.
هذا التصنيف لا يخدم الجانب المروري فقط، بل يُعد خطوة مركزية في بناء مدن ذكية ومترابطة، حيث يتم الأخذ بعين الاعتبار الجوانب البيئية، ومتطلبات المركبات ذاتية القيادة، واشتراطات السلامة الحديثة التي تواكب التحولات العالمية في مجال التنقل.
وأكدت الهيئة أن هذا الكود لا يقتصر تطبيقه على جهة واحدة، بل يشمل كافة الجهات المسؤولة عن الطرق في المملكة، مثل الوزارات، وهيئات تطوير المدن، والأمانات، والبلديات، وغيرها من الجهات ذات العلاقة، بحيث يُتاح لهم الوصول إلى قوائم تدقيق دقيقة وإرشادات مفصلة لكافة أنواع الطرق.
ويشمل الكود السعودي للطرق أيضًا مجموعة من الرسومات الهندسية والإجراءات التطبيقية التي تضمن تطبيق الحد الأدنى من متطلبات الجودة والسلامة، إلى جانب توفير مرونة في التنفيذ تتناسب مع مختلف البيئات الجغرافية في المملكة.
وقد تم البدء بتطبيق الكود بشكل استرشادي منذ العام الماضي، لتأهيل الجهات الحكومية والقطاع الخاص على آلياته، إلا أن العمل به دخل حيز التطبيق الإلزامي على الجهات الحكومية اعتبارًا من بداية العام الجاري، في حين يُتوقع أن تبدأ الجهات الخاصة الالتزام به في منتصف هذا العام.
ويُعد كود الطرق السعودي جزءًا لا يتجزأ من إستراتيجية شاملة تهدف إلى تنظيم قطاع الطرق ورفع مستوياته، عبر السياسات والتشريعات والضوابط الفنية، بما يتماشى مع مستهدفات رؤية المملكة 2030 في الوصول إلى المركز السادس عالميًا في جودة الطرق.
الهيئة العامة للطرق، والتي أُنيط بها منذ تأسيسها الإشراف الكامل على هذا القطاع الحيوي، تؤكد عبر هذا الكود على رغبتها في توحيد معايير التخطيط والتصميم والصيانة، بما يضمن سلامة السائقين والمشاة ويحقق استدامة البنية التحتية على المدى البعيد.
ولا تقف أهداف الكود عند السلامة فقط، بل تشمل أيضًا تحسين الكفاءة الاقتصادية من خلال خفض تكاليف الصيانة، وتقليل الحوادث المرورية، وتحسين كثافة المرور، مما يعني أن التأثير الإيجابي للكود سيمتد ليشمل قطاعات النقل والبيئة والتجارة.
ومن أبرز ما يُميز الكود هو توافقه مع أحدث المعايير العالمية في تصميم الطرق، وقدرته على استيعاب الابتكارات المستقبلية في تقنيات القيادة الذكية، والاتصال بين المركبات، وهو ما يعزز جاهزية المملكة لتحولات قطاع النقل القادمة.
هذا التحرك يؤكد أن السعودية لا تتعامل مع ملف الطرق كخدمة فقط، بل كركيزة تنموية أساسية، فالكود يراعي التخطيط الحضري، ويواكب توسع المدن، ويضمن توفير شبكة نقل مرنة وآمنة تراعي كل أنواع المستخدمين من سيارات خاصة إلى وسائل النقل العام والدراجات والمشاة.
كما يبرز في الكود اهتمام واضح بالاستدامة البيئية، حيث تُدمج اعتبارات تقليل الانبعاثات والتعامل مع مياه الأمطار والتشجير ضمن المواصفات الفنية، مما يرسّخ لمفهوم الطرق الخضراء التي تدعم مستقبلًا حضريًا صحيًا ومتوازنًا.
ومع تطبيق هذا الكود على جميع الجهات الحكومية والخاصة، تدخل المملكة مرحلة جديدة في تطوير شبكات الطرق، عنوانها الدقة والانضباط الفني، بما يخلق منظومة نقل أكثر أمانًا، وأفضل أداءً، وذات جاهزية لمتطلبات المستقبل التقني والبيئي.