تواجه شركة ميتا موجة جديدة من الانتقادات، وهذه المرة بسبب تطبيق الذكاء الاصطناعي الخاص بها Meta AI، بعد أن تبيّن أن عددًا كبيرًا من المستخدمين نشروا دون قصد معلومات شخصية حساسة في منشورات عامة، ما أثار قلقًا واسعًا بشأن حماية الخصوصية.
في محاولة لاحتواء هذا الجدل، أجرت الشركة تعديلًا بسيطًا لكنه يحمل دلالة كبيرة، حيث أضافت رسالة تحذيرية إلى زر النشر داخل التطبيق تنبّه المستخدم بوضوح إلى ضرورة تجنب مشاركة أي معلومات شخصية أو حساسة.
هذا التغيير جاء بعد سلسلة من التقارير الصحفية التي رصدت حالات متعددة من نشر محتوى يتضمن استشارات طبية خاصة، أو مشكلات أسرية قانونية، أو حتى تفاصيل مصرفية، وجميعها ظهرت علنًا في واجهة التطبيق دون إدراك أصحابها.
ورغم أن Meta AI لا يعرض سجل المحادثات تلقائيًا، إلا أن بعض المستخدمين عمدوا إلى نشر محادثاتهم يدويًا من دون ملاحظة أن النشر يتم للعامة، وهو ما فتح الباب لحرج كبير وتساؤلات عن غموض إعدادات الخصوصية.
مؤسسة موزيلا، التي تشتهر بدفاعها عن الخصوصية الرقمية، وجهت انتقادًا مباشرًا لتصميم التطبيق، مشيرة إلى أن ميتا لم توضح بما فيه الكفاية أن هذه المنشورات تكون عامة بالكامل، بل وافتقر التطبيق إلى أيقونات أو إشارات بصرية تفصيلية تُبيّن طبيعة النشر.
رد ميتا الأولي تمثل في ظهور نافذة تنبيه جديدة توضح أن المشاركة ستكون مرئية للجميع، وتحذر من إدراج بيانات حساسة، لكنها لا تظهر إلا في المرة الأولى، مما يجعل فعاليتها محدودة على المدى الطويل.
وبينما رحّب البعض بإضافة هذه التحذيرات، تساءل آخرون عن سبب التأخر في إدراجها، خاصة أن تطبيقًا يعتمد على الذكاء الاصطناعي من المفترض أن يكون مدروسًا بدقة في تعامله مع بيانات المستخدمين.
الغريب أن التعديلات لم تقتصر على التنبيه فقط، بل لوحظ أن كثيرًا من المنشورات النصية العامة اختفت، أو تم تقليص ظهورها، مقابل الإبقاء على الصور والفيديوهات المُنتجة بالذكاء الاصطناعي، دون أن تصدر الشركة بيانًا رسميًا بشأن هذا التغيير.
حتى الآن، لا يُعرف إذا ما كانت هذه خطوة دائمة أم مجرد محاولة لامتصاص الجدل الحالي، خصوصًا في ظل تزايد الضغوط القانونية والتنظيمية على شركات التكنولوجيا حول العالم بشأن الشفافية في التعامل مع بيانات المستخدمين.
وفي حال قرر المستخدم لاحقًا حذف منشوراته العامة من Meta AI، تتيح له الشركة طريقة واضحة لذلك، من خلال التوجه إلى الملف الشخصي، والدخول إلى قسم “البيانات والخصوصية”، ومنه إلى “إدارة معلوماتك”، ثم ضبط الرؤية لتصبح "أنا فقط"، مع إمكانية تطبيق الإعداد على جميع المنشورات دفعة واحدة.
هذا النوع من الإعدادات يبدو غير كافٍ لبعض المستخدمين، الذين طالبوا بأن تكون المنشورات خاصة بشكل افتراضي، وألا يُترك أمر الخصوصية رهينة وعي المستخدم فقط، خصوصًا في تطبيق يستخدمه الناس لأغراض متنوعة، بعضها شديد الخصوصية.
النقاش حول Meta AI يعيد للأذهان المخاوف القديمة المرتبطة بشركة ميتا، وتاريخها في التعامل مع بيانات المستخدمين، وهو ما يُعقّد من محاولاتها الجديدة في الظهور بمظهر الحريص على حماية الخصوصية.
ورغم أن ميتا كانت قد روّجت للتطبيق كأداة مفيدة ومرنة للتفاعل مع الذكاء الاصطناعي، إلا أن الحادثة الأخيرة تؤكد أن أي منصة رقمية دون ضوابط واضحة يمكن أن تتحول بسرعة إلى مصدر تهديد للخصوصية الشخصية.
ويبقى السؤال الأهم: هل تكفي هذه التعديلات لطمأنة المستخدمين؟ أم أن ميتا ستضطر إلى اتخاذ خطوات أعمق وأكثر شفافية لاستعادة الثقة في منتجاتها الذكية الجديدة.
في الوقت الذي تتسابق فيه الشركات لدمج الذكاء الاصطناعي في خدماتها، تظل قضية الخصوصية خطًا أحمر لا يمكن تجاوزه بسهولة، وإذا لم تُعالجه الشركات بجديّة، فقد تخسر أكثر مما تكسب.