جولة جديدة من السخرية التكنولوجية تفتحها جوجل، وهذه المرة تصوّب سهامها مباشرة نحو آبل، متهمة إياها بنسخ ميزات كانت حصرية لسنوات لهواتف بكسل، الإتهام جاء بصيغة إعلانية ساخرة ضمن سلسلة فيديوهات بدأت تكتسب شهرة بعنوان "أفضل الهواتف للأبد"، ويبدو أن المنافسة بين العملاقين لا تقتصر على الأجهزة فقط، بل تشمل الفكرة ذاتها حول من يبتكر أولًا.
الإعلان الذي أثار الجدل نُشر يوم 18 يونيو، ويصوّر محادثة طريفة بين هاتف آيفون وهاتف بكسل 9 برو، على هيئة برنامج إذاعي، يبدأ فيها آيفون بالإعلان عن ميزة الترجمة الفورية للرسائل، فيقاطعه بكسل متهكمًا بأنها كانت لديه منذ أربع سنوات، ليتكرر السيناريو ذاته مع مزايا الانتظار وتصفية المكالمات.
جوجل أرادت من خلال هذه الحملة أن تُذكّر المستخدمين بأن كثيرًا من مزايا iOS 26 الجديدة، قد وُجدت أصلًا منذ سنوات في هواتف بكسل، وتحديدًا في النسخ التي أطلقتها بين 2018 و2021، وهو ما يجعل الأمر أشبه بـ"إعادة تدوير أفكار" تحت لافتة التفوق التقني.
الميزة الأولى التي تتهم جوجل آبل بنسخها هي "الترجمة الفورية"، والتي ظهرت لأول مرة في بكسل 6 عام 2021، وكانت تتيح ترجمة الرسائل النصية والمكالمات الصوتية مباشرة، بينما أعلنت آبل عنها في iOS 26 تحت اسم مشابه تقريبًا، مما أثار الشبهات حول مصدر الإلهام.
الميزة الثانية هي "مساعد الانتظار"، التي ظهرت في بكسل 3 عام 2020 تحت اسم Hold for Me، حيث يتولى الهاتف البقاء في قائمة الانتظار أثناء مكالمات خدمة العملاء، ويقوم بتنبيه المستخدم فقط عندما يتوفر الرد البشري، بينما أطلقت آبل خدمة مماثلة مؤخرًا تحت اسم Hold Assist.
أما الميزة الثالثة فهي "تصفية المكالمات"، وهي خاصية موجودة في بكسل 3 منذ 2018 تحت اسم Call Screening، تسمح للمستخدم بمعرفة هوية المتصل وسبب المكالمة قبل أن يقرر الرد، وهي ميزة وفّرتها آبل الآن بشكل شبه مطابق، مع فروقات طفيفة في التصميم والاستخدام.
المفارقة أن آبل، رغم تأخرها في إطلاق مثل هذه الميزات، دائمًا ما تروّج لنفسها بأنها تقدمها بجودة أعلى، وتكامل أفضل داخل منظومتها الخاصة، وتعتبر أن "الأسبقية" ليست دائمًا معيار النجاح، بل "كيفية التطبيق" هي ما يميز منتجها النهائي.
لكن جوجل هذه المرة قررت ألا تكتفي بالصمت، واستخدمت لغة السخرية الراقية للرد، بل وأعادت توجيه النقاش نحو فكرة أن آبل لا تبتكر قدر ما "تتأخر في الاقتباس"، مع محاولة تحسين ما استعارته من منافسيها.
الردود الجماهيرية على الإعلان انقسمت، فبينما وجد البعض أن جوجل محقة في الدفاع عن ريادتها، رأى آخرون أن تجربة آبل غالبًا ما تكون أكثر سلاسة، حتى لو وصلت الميزة متأخرة، وهو ما يعكس الانقسام التقليدي بين عشّاق آيفون وأنصار أندرويد.
هذه ليست المرة الأولى التي تتبادل فيها جوجل وآبل الرسائل غير المباشرة، لكن اللافت هو اختيار جوجل هذه الطريقة الساخرة، التي تجمع بين الدعابة والهجوم الذكي، في وقت تحاول فيه الشركات الكبرى استقطاب كل مستخدم جديد عبر "الميزات المألوفة".
من وجهة نظر استراتيجية، يبدو أن جوجل تحاول بهذه الحملة تثبيت صورة هواتف بكسل كخيار ذكي وسبّاق، مقابل صورة آبل التي تبدو محافظة أحيانًا في إدخال التغييرات، رغم شعبيتها الضخمة حول العالم.
ولا يمكن تجاهل أن توقيت الإعلان ليس عشوائيًا، إذ يأتي تزامنًا مع الضجة التي صاحبت الكشف عن iOS 26، مما يعزز احتمال أن تكون الحملة مصممة للتشويش على صدى مؤتمر آبل السنوي.
وفي نهاية المطاف، تبقى هذه الحرب الباردة بين آبل وجوجل واحدة من أكثر المنافسات ديناميكية في عالم التقنية، حيث تتحول كل ميزة وكل إعلان إلى ساحة جديدة للصراع، لا يخلو من الطرافة، ولا من الرسائل الخفية.