تشهد المملكة العربية السعودية تقلبات جوية جديدة تزامناً مع دخول أشهر الصيف الحارة، حيث أعلن المركز الوطني للأرصاد في تقريره الصادر صباح اليوم عن استمرار تأثير الأجواء الحارة إلى شديدة الحرارة في عدد من المناطق، على رأسها المنطقة الشرقية التي تشهد تصاعدًا ملحوظًا في درجات الحرارة خلال الأيام الجارية.
وأوضح التقرير أن الأجواء لن تقتصر على ارتفاع الحرارة فقط، بل سيتزامن معها نشاط في الرياح المثيرة للأتربة والغبار، مما يؤدي إلى تراجع كبير في مدى الرؤية الأفقية، خصوصًا في المناطق المكشوفة والطرق السريعة، وهو ما قد يشكل تحديًا حقيقيًا أمام حركة التنقل اليومية للسكان والمقيمين في هذه المناطق.
وأكد المركز أن الحالة الجوية المؤثرة تشمل أجزاءً من مناطق عدة، أبرزها الحدود الشمالية، الجوف، حائل، القصيم، المدينة المنورة، مكة المكرمة، الرياض، ونجران، وهي مناطق تتنوع فيها الأنشطة بين الزراعة والنقل والصناعة، مما يجعل هذه التقلبات مؤثرة على أكثر من صعيد.
وأشار التقرير إلى أن تأثير الرياح قد يمتد ليصل إلى الطريق الساحلي الممتد من مكة المكرمة وصولًا إلى منطقة جازان، وهي منطقة حيوية من الناحية اللوجستية والسياحية، وغالبًا ما تشهد حركة نشطة للمركبات والشاحنات، ما يضاعف من أهمية متابعة الحالة الجوية.
ونبّه المركز إلى أن مدى الرؤية قد ينخفض إلى مستويات متدنية، تصل في بعض الأحيان إلى شبه انعدام كامل، خاصة في الفترات الصباحية والظهيرة، وهو ما قد يتسبب في حوادث مرورية إذا لم يتم اتخاذ الاحتياطات اللازمة من قبل قائدي المركبات والجهات المختصة.
وحثت الأرصاد المواطنين والمقيمين على متابعة مستجدات الحالة الجوية من مصادرها الرسمية، والالتزام بالتعليمات والإرشادات التي تصدرها الجهات المعنية للحد من المخاطر الناتجة عن موجات الغبار ودرجات الحرارة العالية التي تزامنت مع دخول موسم الصيف بكامل شدته.
وأفاد التقرير كذلك بتفاصيل حول حالة الرياح السطحية على البحرين الأحمر والخليج العربي، حيث ستكون الرياح على البحر الأحمر جنوبية شرقية إلى جنوبية غربية على الجزءين الشمالي والأوسط خلال النهار، تتحول مساءً إلى شمالية غربية بسرعة تتراوح بين 10 إلى 28 كيلومترًا في الساعة، في حين ستكون على الجزء الجنوبي غربية إلى شمالية غربية بسرعة تصل إلى 38 كيلومترًا في الساعة.
أما ارتفاع الموج على البحر الأحمر فيتراوح بين نصف المتر إلى متر في الأجزاء الشمالية والأوسطى، ويصل إلى متر ونصف في الجزء الجنوبي، وتوصَف حالة البحر هناك بأنها خفيفة إلى متوسطة الموج، وهي ظروف ملائمة نسبيًا للملاحة البحرية إذا ما تم التعامل معها بحذر.
وفيما يتعلق بالخليج العربي، فتسود رياح سطحية شمالية غربية إلى غربية بسرعة بين 15 و30 كيلومترًا في الساعة، وارتفاع الموج فيه لا يتجاوز المتر، ما يجعل حالة البحر خفيفة الموج نسبيًا، رغم تأثر الأجواء العامة برياح الغبار وارتفاع درجات الحرارة.
وهذه الأجواء المناخية تأتي في وقت تشهد فيه المملكة ارتفاعًا تدريجيًا في درجات الحرارة الموسمية، حيث تجاوزت بعض المدن في الشرقية مستويات 47 درجة مئوية خلال الأيام الماضية، وسط توقعات بأن تستمر الأجواء الحارة على الوتيرة ذاتها خلال الأسبوع الجاري.
ويشكل هذا الطقس تحديات أمام القطاعات الخدمية والمرافق العامة، لا سيما في المدن الكبرى التي تعتمد بشكل كبير على وسائل النقل البرية والبحرية، مما يستدعي تنسيقًا مستمرًا بين الجهات المعنية لضمان انسيابية الحركة وتوفير الحماية اللازمة للأفراد.
كما قد تؤثر هذه الموجة على الصحة العامة، خصوصًا لدى الفئات الأكثر تأثرًا من الغبار ودرجات الحرارة العالية، مثل مرضى الربو والجهاز التنفسي، وكبار السن، والأطفال، مما يدفع الجهات الصحية إلى تكرار الدعوات لأخذ الحيطة والالتزام بالإرشادات الوقائية.
ولا يُستبعد أن تشهد بعض الأنشطة الميدانية تأجيلًا أو إعادة جدولة، خاصة في حال تفاقمت الظروف المناخية، أو ارتفعت مستويات التحذير في المناطق الأكثر تأثرًا، وذلك بناءً على التنسيق المستمر بين الجهات الأمنية والأرصاد والجهات التشغيلية المختلفة.
وتُعد هذه الحالة امتدادًا لحالات جوية مشابهة شهدتها المملكة في الأعوام الماضية خلال ذات الفترة من السنة، حيث اعتادت المناطق الداخلية والشرقية بشكل خاص على موجات الغبار المصحوبة بحرارة مرتفعة، نتيجة تأثرها بالكتل الهوائية القادمة من المناطق الصحراوية.
ويؤكد خبراء الأرصاد أن هذه الأجواء، رغم طبيعتها الموسمية، إلا أنها قد تشهد تفاوتًا في شدتها من عام لآخر، بسبب التغيرات المناخية التي باتت تؤثر على المنطقة بشكل أكثر حدة في السنوات الأخيرة، مما يستدعي مواصلة تطوير أنظمة الرصد والإنذار المبكر.
وفي ظل هذه التطورات، يبقى وعي المواطن هو العنصر الحاسم في التعامل مع مثل هذه الظروف، من خلال التقيد بالتعليمات، وتجنّب الخروج غير الضروري خلال ساعات الذروة، إلى جانب استخدام الأدوات الواقية عند الحاجة إلى التواجد في الأماكن المفتوحة.