أثار الإعلامي الرياضي السعودي وليد الفراج تفاعلًا واسعًا بتصريحاته الأخيرة التي أدلى بها عبر حسابه الرسمي على منصة "إكس"، حيث تناول فيها واقع توزيع الدعم المالي بين أندية دوري روشن السعودي للمحترفين، مؤكدًا أن المساواة في مصادر الدخل لم تعد ملائمة للمرحلة الراهنة، خاصة في ظل التوجه الجديد نحو الخصخصة وتحول الأندية إلى كيانات تجارية مستقلة.
وكتب الفراج بشكل صريح أن ما يقرب من تسعين بالمئة من قيمة الدوري السعودي جماهيريًا وتسويقيًا تتركز في أربعة أندية فقط، في إشارة منه إلى الأندية ذات الجماهيرية الكبيرة والتأثير الإعلامي الواسع، وهو ما يجعل الحديث عن دعم مالي متساوٍ بين جميع الأندية غير منطقي حسب تعبيره.
وأوضح أن نظام الخصخصة لا يمكن أن يتماشى مع آلية تمويل موحدة لأندية تختلف بشكل جوهري في حضورها الجماهيري وقيمتها التسويقية، مستشهدًا بأمثلة من الدوري الإنجليزي، حيث أشار إلى أن ليفربول وأرسنال لا يمكن وضعهما في ذات الميزان مع أندية مثل ليستر سيتي أو توتنهام من حيث العوائد.
وقد لاقت تصريحات الفراج تباينًا في ردود الفعل بين مؤيد يعتبر أن حديثه يعكس واقع السوق الرياضية ويخدم منطق العدالة الاقتصادية، وبين معارض يرى أن في الطرح نوعًا من التمييز الذي قد يعيق تطور الأندية الصغيرة ويقلص فرصها في المنافسة على البطولات.
وتأتي هذه التصريحات في وقت يشهد فيه المشهد الرياضي السعودي تحولات كبيرة، أبرزها مشروع خصخصة الأندية الذي أعلنت عنه وزارة الرياضة، والذي يهدف إلى تحويل الأندية من كيانات رياضية تقليدية إلى شركات استثمارية تعتمد على التمويل الذاتي والإيرادات التجارية بدلًا من الدعم الحكومي المباشر.
ويبدو أن الفراج حاول من خلال مقارنته بين أندية الدوري الإنجليزي أن يسحب ذات المنطق على التجربة السعودية، معتبرًا أن السوق يجب أن يكافئ الأندية ذات القاعدة الجماهيرية والتأثير الإعلامي، خاصة تلك التي تملك حقوق نقل وعقود رعاية ضخمة تساهم بشكل مباشر في تمويل الدوري بأكمله.
وقد جاءت هذه التصريحات بعد فترة وجيزة من تتويج نادي الاتحاد بلقب دوري روشن للموسم الماضي، وهو أحد الأندية الكبرى التي تملك تاريخًا طويلًا وجماهيرية واسعة، كما يشهد الهلال، وهو نادٍ آخر من الأندية الأربعة الكبرى، حضورًا لافتًا حاليًا في بطولة كأس العالم للأندية، إذ يستعد لمواجهة مانشستر سيتي الإنجليزي في دور الـ16.
ويُفهم من حديث الفراج أن الأندية ذات الشعبية المحدودة مطالبة ببذل جهود أكبر في مجالات التسويق والتطوير المؤسسي لجذب الاستثمارات، بدلًا من الاعتماد على الدعم الموحد الذي كان سائدًا في المراحل السابقة، والذي لم يعد يتناسب مع طموحات الرياضة السعودية في المرحلة المقبلة.
ويرى البعض أن تصريح الفراج يصب في إطار دعم رؤية السعودية لتطوير قطاع الرياضة وتحويله إلى أحد محركات الاقتصاد، خاصة بعد نجاح عدد من الأندية في استقطاب نجوم عالميين وإبرام صفقات كبرى جعلت الدوري السعودي محط أنظار الجماهير الدولية والإعلام الأجنبي.
ومن جهة أخرى، اعتبر بعض المحللين أن تصريحات من هذا النوع قد تُحدث حالة من الاحتقان داخل الوسط الرياضي، إذا ما تم تفسيرها كدعوة لتهميش الأندية الناشئة أو ذات القاعدة الجماهيرية الأقل، مما يتطلب ضبط الخطاب الإعلامي وعدم تجاوز معايير الإنصاف في الطرح.
وقد دعا آخرون إلى ضرورة التوازن في توزيع الموارد بما لا يظلم الأندية الصغيرة، لكن في الوقت ذاته لا يمنع الأندية الكبرى من الاستفادة من حجم تأثيرها وجاذبيتها التسويقية، معتبرين أن هناك حلولًا وسطى تضمن التنافس العادل ولا تضر ببيئة الاستثمار.
وبين هذا الرأي وذاك، تظل مسألة تمويل الأندية في زمن الخصخصة ملفًا شائكًا يحتاج إلى رؤية واضحة، وشفافية في آليات الدعم والتوزيع، بما يحفظ حقوق الأندية الكبرى دون أن يهمل طموحات الأندية المتوسطة والصاعدة التي تسعى لبناء قاعدة جماهيرية وتنمية مواردها.
ويرى خبراء اقتصاديون أن المنظومة الرياضية في السعودية بحاجة إلى نماذج تمويل متعددة تتناسب مع احتياجات الأندية المختلفة، وتراعي اختلاف الأسواق المحلية، وتضمن في الوقت نفسه استدامة المنافسة ورفع الجودة الفنية والتجارية للبطولات المحلية.
ويؤكد كثير من المراقبين أن حديث الفراج قد يفتح نقاشًا أوسع حول مستقبل الدعم المالي للأندية، ويُعيد إلى الواجهة أسئلة تتعلق بمدى قدرة الأندية الصغيرة على مجاراة نظيراتها الكبرى في ظل التغيرات الجذرية التي يشهدها القطاع الرياضي.
وفي ظل تسارع خطوات التحول نحو الخصخصة ورفع مستوى التنافسية في الدوري السعودي، من المرجح أن تستمر مثل هذه النقاشات بين الإعلاميين والمحللين والمختصين، بهدف الوصول إلى صيغة نموذجية تضمن مصلحة الجميع دون إقصاء أو محاباة.