في تطور لافت قد يعيد رسم ملامح سوق الانتقالات الصيفية في دوري روشن السعودي، كشفت مصادر صحفية تركية عن موقف حاسم اتخذه نادي فنربخشة بشأن مستقبل المهاجم المغربي يوسف النصيري، والذي كان محور اهتمام ناديي الهلال والنصر في الآونة الأخيرة، ضمن مساعي الفريقين السعوديين لتعزيز خطوطهما الهجومية استعدادًا للموسم الكروي الجديد.
ويأتي هذا التطور بعد أسابيع من تصاعد التكهنات حول إمكانية رحيل اللاعب المغربي عن فنربخشة، لا سيما بعد الأنباء التي أشارت إلى عروض مغرية قدمتها أندية سعودية بارزة في مقدمتها الهلال والنصر، حيث يسعى كل نادٍ منهما إلى ضم مهاجم من الطراز الرفيع يعزز القدرة التهديفية ويمنح الفريق أفضلية هجومية في المنافسات المحلية والقارية.
وأكد الصحفي التركي المعروف أكرم كونور عبر حسابه الرسمي على منصة "إكس" أن نادي فنربخشة قرر بشكل نهائي عدم السماح برحيل النصيري خلال فترة الانتقالات الصيفية الحالية، مشيرًا إلى أن إدارة النادي تعتبر المهاجم المغربي أحد أعمدة الفريق الأساسية، وترى فيه عنصرًا لا يمكن الاستغناء عنه في هذه المرحلة المفصلية من مشروع الفريق الفني.
وبحسب نفس المصدر، فإن قرار فنربخشة جاء بعد تقييم فني شامل أجراه الجهاز الفني للنادي التركي، حيث أظهر النصيري انسجامًا سريعًا مع منظومة الفريق منذ انضمامه، وأثبت فعالية كبيرة في خط الهجوم، مما جعل المدرب يطالب الإدارة بالحفاظ على اللاعب وعدم النظر في أي عروض خارجية مهما بلغت قيمتها المالية.
وكان نادي الهلال السعودي قد تقدم بعرض رسمي بلغت قيمته 30 مليون يورو من أجل التعاقد مع يوسف النصيري، في محاولة جادة لخطف توقيعه قبل غريمه النصر، الذي أبدى هو الآخر اهتمامًا كبيرًا بضم اللاعب، إلا أن عرض الهلال كان الأكثر وضوحًا وجدية بحسب ما أفادت به تقارير مقربة من الصفقة.
ويمتد عقد النصيري مع نادي فنربخشة حتى الثلاثين من يونيو عام 2029، مما يمنح النادي التركي الأفضلية الكاملة في تحديد مصير اللاعب، خصوصًا في ظل عدم وجود شرط جزائي يسمح له بالرحيل دون موافقة الإدارة، وهو ما يجعل من أي مفاوضات حالية مجرد محاولات غير مضمونة النتائج.
وتبلغ القيمة السوقية للنصيري في الوقت الحالي نحو 24 مليون يورو، بحسب التحديث الأخير الصادر عن موقع "ترانسفير ماركت" العالمي، مما يعكس المكانة الفنية والاقتصادية التي يتمتع بها اللاعب في سوق الانتقالات الأوروبية، خصوصًا بعد تجربته السابقة الناجحة في الليغا الإسبانية، قبل أن ينتقل إلى تركيا في صفقة لقيت اهتمامًا واسعًا.
ويبدو أن قرار فنربخشة جاء مدفوعًا برغبة في الحفاظ على الاستقرار الفني للفريق، خاصة بعد سلسلة من التعاقدات التي يسعى من خلالها النادي التركي للمنافسة بقوة على البطولات المحلية والأوروبية في الموسم المقبل، وهو ما يتطلب وجود مهاجم بمستوى النصيري قادر على صناعة الفارق في المباريات الكبرى.
ويشكل استمرار النصيري مع فنربخشة ضربة قوية لطموحات الهلال والنصر، اللذين كانا يعولان على قدرات المهاجم المغربي لحسم صفقات هجومية ثقيلة هذا الصيف، خصوصًا مع ارتباط اسم اللاعب سابقًا بمشاريع فنية تضعه في مقدمة خيارات المدربين لتعزيز الفاعلية الهجومية في دوري روشن.
ورغم أن سوق الانتقالات لا يزال مفتوحًا، إلا أن الخيارات المتاحة للمهاجمين من طراز عالٍ أصبحت محدودة نسبيًا، خصوصًا أن اللاعبين المستهدفين غالبًا ما يرتبطون بعقود طويلة الأمد مع أنديتهم، مما يعقد مهمة الأندية السعودية في إقناع نظرائها الأوروبيين بالتخلي عن نجومهم.
ومن جهة أخرى، يرى مراقبون أن رفض فنربخشة التفريط في النصيري قد يفتح الباب أمام الهلال والنصر لتكثيف المفاوضات مع لاعبين آخرين في السوق الأوروبية أو اللاتينية، مع استمرار البحث عن أسماء تلبي المعايير المطلوبة فنيًا وتسويقيًا، بما يتناسب مع طموحات الفريقين ومكانتهما في الدوري السعودي.
وكان يوسف النصيري قد انتقل إلى فنربخشة في صفقة مفاجئة خلال الموسم الماضي، قادمًا من إشبيلية الإسباني، ونجح سريعًا في فرض نفسه كمهاجم أساسي، مسجلًا عددًا من الأهداف الحاسمة في البطولات المحلية، وهو ما زاد من قيمته الفنية لدى الجهاز الفني للنادي التركي.
ويعد النصيري من أبرز المهاجمين العرب الذين تألقوا في الملاعب الأوروبية خلال السنوات الأخيرة، حيث سبق له أن شارك في عدة نسخ من دوري أبطال أوروبا والدوري الأوروبي، وحقق مع منتخب بلاده المغرب إنجازات بارزة أبرزها بلوغ نصف نهائي كأس العالم 2022 في قطر.
وتلقى النصيري عدة عروض خارجية منذ بداية الصيف، بعضها من دوريات أوروبية مثل الدوري الإيطالي والفرنسي، إلا أن العروض السعودية كانت الأكثر جدية وقوة من الناحية المالية، لكن تمسك فنربخشة به حال دون الدخول في أي مفاوضات مباشرة مع تلك الأندية.
وتواصل إدارة فنربخشة العمل على دعم صفوف الفريق بعدد من اللاعبين في مراكز أخرى، في الوقت الذي أغلقت فيه الباب بشكل واضح أمام أي تفاوض بشأن العناصر الأساسية، وعلى رأسهم يوسف النصيري، مما يعكس رغبة النادي في تحقيق الاستقرار الفني وعدم تفكيك التشكيلة الأساسية قبل انطلاق الموسم الجديد.
ومن المتوقع أن تشهد الأيام المقبلة تحركات جديدة من قبل الهلال والنصر لحسم صفقات بديلة، لا سيما أن نافذة الانتقالات لا تزال مفتوحة لعدة أسابيع، وهو ما يمنح الأندية السعودية الوقت الكافي للبحث عن خيارات مناسبة، سواء من داخل أوروبا أو خارجها.
وفي الوقت نفسه، يترقب الشارع الرياضي السعودي بفارغ الصبر نتائج هذه التحركات، في ظل التنافس المحتدم بين الأندية الكبرى على ضم نجوم الصف الأول، وهي التوجهات التي باتت سمة بارزة في دوري روشن الذي أصبح وجهة مفضلة لعدد من أبرز لاعبي العالم.