في ظل ازدياد حركة السفر الجوي داخل المملكة العربية السعودية وخارجها، تكثر الأسئلة من المسافرين حول حقوقهم القانونية في حال تأخر الرحلات أو فقدان الأمتعة، خاصة مع بداية مواسم السفر والعطلات، وهو ما سلط عليه الضوء المحامي مازن الكردي، عضو لجنة المحامين بمنطقة مكة المكرمة، الذي قدّم توضيحًا شاملًا في هذا الشأن، مؤكدًا أن حقوق المسافرين محفوظة بموجب أنظمة واضحة وملزمة.
وأشار الكردي إلى أن نظام الطيران المدني الصادر عام 1426هـ، ولائحة حماية حقوق المسافرين التي أصدرتها الهيئة العامة للطيران المدني في عام 1444هـ، يتضمنان حزمة من الالتزامات التي يجب على الناقل الجوي الالتزام بها تجاه الركاب، سواء في حال تأخر الرحلات أو إلغائها أو فقدان الأمتعة، وهي أنظمة تهدف إلى ضمان العدالة وتعويض المسافر عن أي أضرار يتعرض لها خلال رحلته.
وأوضح الكردي أن من أبرز الحقوق التي يتمتع بها المسافر هو إعلامه بأي تأخير في موعد الرحلة، حيث يُلزم النظام الناقل الجوي بإبلاغ الراكب بتأخير الرحلة قبل 45 دقيقة على الأقل من وقت الإقلاع المحدد، مع الالتزام بتحديث المعلومات كل نصف ساعة حتى موعد المغادرة أو إلغاء الرحلة، وهو ما يهدف إلى تقليل الإرباك وتمكين المسافر من اتخاذ قرار مستنير بشأن رحلته.
وفي حال تأخر الرحلة لأكثر من ساعتين، أكد الكردي أن للمسافر الحق في الحصول على المساندة المناسبة، والتي تشمل تقديم وجبات أو مرطبات بحسب مدة الانتظار، وفي حال امتد التأخير لما بين ساعتين وست ساعات، فإن على شركة الطيران أن توفر إقامة فندقية أو وسيلة بديلة إذا لزم الأمر، وهو ما يضع مسؤولية مباشرة على عاتق الناقل الجوي دون تحميل المسافر أي أعباء إضافية.
وأضاف أن النظام أعطى المسافر حق قبول الرحلة البديلة التي تقترحها شركة الطيران أو رفضها، مع الإشارة إلى أنه في حال تجاوز التأخير ست ساعات، يحق للمسافر فسخ عقد النقل الجوي واسترداد كامل قيمة التذكرة التي دفعها، دون أي غرامات أو خصومات، وهو بند جوهري في اللائحة التنظيمية لحماية الركاب.
وفي حالات إلغاء الرحلات، سواء لأسباب تشغيلية أو ظروف خارجة عن الإرادة، قال الكردي إن الناقل الجوي ملزم بالتواصل الفوري مع الركاب وإبلاغهم بالإلغاء، مع تقديم خيارات متعددة تشمل إما حجز رحلة بديلة في أقرب وقت ممكن أو استرداد كامل قيمة التذكرة، مع توفير الدعم اللازم خلال فترة الانتظار أو التغيير.
وحول فقدان أو تلف الأمتعة، أوضح الكردي أن النظام يلزم المسافر بتقديم بلاغ فوري عند وصوله في حال لاحظ تلفًا أو فقدانًا لأمتعته، ويُمنح المسافر مهلة سبعة أيام لتقديم الشكوى رسميًا في حال وجود تلف في الأمتعة، و21 يومًا في حال لم تصل الأمتعة نهائيًا، وهو ما يمنحه الفرصة للتواصل مع شركة الطيران وتقديم مطالبة رسمية بحقه.
وأكد الكردي أن تجاهل شركة الطيران لهذه الشكاوى يعطي المسافر الحق في تصعيد الشكوى إلى الهيئة العامة للطيران المدني، وذلك عبر منصاتها الرسمية، والتي تقوم بدورها بمراجعة الشكوى والتحقق من مدى التزام الناقل الجوي باللوائح المنظمة، مشيرًا إلى أن الهيئة أبدت مرونة في التفاعل مع الشكاوى وقد ألزمت بعض شركات الطيران سابقًا بدفع تعويضات.
وشدد المحامي على ضرورة أن يحتفظ المسافر برقم مرجعي للشكوى، سواء تم تقديمها في المطار أو عبر المنصات الإلكترونية، لأنه يساعده في المتابعة وتوثيق التواصل، كما نصح بعدم الاكتفاء بتقديم الشكوى شفهيًا، بل كتابيًا أيضًا، مع إرفاق المستندات إن وجدت، مثل صورة بطاقة الصعود أو إيصال الأمتعة أو صور للأضرار إن وجدت.
وحذر الكردي من التأخر في تصعيد الشكاوى، موضحًا أن عدم الرد من شركة الطيران خلال سبعة أيام من تقديم البلاغ يتيح للمسافر التوجه إلى الهيئة دون الحاجة للانتظار أكثر، وهو إجراء تنظيمي يهدف إلى اختصار الوقت وتسريع الإجراءات، بما يعزز من حماية حقوق الركاب.
وأضاف أن من حقوق المسافر أيضًا المطالبة بالتعويض في حالات الفقدان أو التلف، سواء جزئيًا أو كليًا، بحسب وزن الأمتعة أو قيمة المفقودات، موضحًا أن هناك سقفًا قانونيًا للتعويض يمكن أن يصل إلى عدة آلاف من الريالات، ويُحتسب وفقًا لأنظمة دولية وأحكام النقل الجوي المعتمدة.
ولفت إلى أن بعض المسافرين يجهلون حقوقهم، ما يجعلهم يتعرضون لخسائر دون أن يطالبوا بالتعويض المستحق، مشددًا على أهمية التثقيف القانوني، ومتابعة تحديثات الهيئة العامة للطيران المدني التي تنشر باستمرار إرشادات وحقوق المسافرين، خصوصًا في مواسم الذروة التي تشهد ازدحامًا وتزايدًا في حالات التأخير أو فقدان الأمتعة.
وأشار إلى أن الثقافة الحقوقية في مجال الطيران ما زالت بحاجة إلى مزيد من التوعية، داعيًا إلى إدراج هذه المواد ضمن الحملات الإرشادية التي تُعرض في صالات المطار أو عبر تطبيقات الحجز، لتصل إلى جميع المسافرين، بما في ذلك الزائرين والمقيمين، وهو ما سيحدّ كثيرًا من الخلافات والمشاكل التي تحدث بسبب الجهل بالأنظمة.
وأنهى الكردي حديثه بالتأكيد على أن الهيئة العامة للطيران المدني تعمل على تطوير نظام حماية المسافرين بشكل مستمر، إذ تسعى لتغليظ العقوبات على شركات الطيران المتقاعسة، وتحقيق التوازن بين متطلبات التشغيل وحقوق الركاب، وذلك من خلال تفعيل الرقابة وتقديم الدعم القانوني للمتضررين.
ويُذكر أن أنظمة حماية حقوق المسافرين تأتي ضمن حزمة من التحديثات التي يشهدها قطاع الطيران المدني في المملكة، بما ينسجم مع رؤية السعودية 2030، والتي تهدف إلى تحسين جودة الخدمات المقدمة للمواطنين والمقيمين والزوار، وتعزيز موقع المملكة كمركز لوجستي عالمي في مجال النقل الجوي.