شَهِد السوق السعودي اليوم تراجعًا طفيفًا في ختام تعاملات جلسة الثلاثاء، حيث أغلق مؤشر "تاسي" منخفضًا بنسبة 0.1%، ليصل إلى مستوى 12278 نقطة، وسط تذبذب ملحوظ في حركة الأسعار، وذلك بالتزامن مع انخفاض قيمة التداولات التي بلغت نحو 5.5 مليار ريال فقط.
جاء هذا الأداء وسط تحركات حذرة من المستثمرين، حيث سيطر الترقب على سلوك المتعاملين في ظل غياب محفزات واضحة بالسوق، مما أسفر عن تداولات محدودة الحجم مقارنة بجلسات سابقة، وهو ما ساهم في ضعف الزخم الصعودي خلال التعاملات اليومية.
السوق بدأ التعاملات على ارتفاع طفيف لكنه سرعان ما دخل في موجة تقلبات خلال الساعات الأولى من التداول، ليهبط تدريجيًا بضغط من بعض القطاعات الكبرى، خصوصًا البنوك والطاقة، في حين حاول قطاع المواد الأساسية الحد من الخسائر، لكن دون جدوى.
المؤشر العام تلقى ضغطًا ملحوظًا من سهم مصرف الراجحي الذي سجل تراجعًا بنحو 1%، كما تراجع سهم أرامكو السعودية بنسبة طفيفة بعد مكاسب حققها في الجلسات السابقة، وهو ما أعطى إشارات فنية على قرب انتهاء موجة الارتفاعات قصيرة الأجل.
في المقابل، برز سهم "سابك" ضمن قائمة الأسهم المرتفعة، حيث سجل صعودًا بأكثر من 1% بعد إعلان الشركة عن تطورات إيجابية تتعلق بخططها التوسعية، مما جذب أنظار المستثمرين الأفراد والمؤسسات الباحثة عن فرص نمو مستقرة.
تراجع المؤشر جاء في وقت يسوده الحذر عالميًا مع استمرار الترقب لبيانات التضخم الأمريكية وقرارات الفيدرالي المقبلة، والتي تنعكس بشكل غير مباشر على شهية المخاطرة في الأسواق الخليجية عمومًا، والسعودية على وجه الخصوص.
من جهة أخرى، سجلت بعض الأسهم المتوسطة أداءً إيجابيًا، حيث ارتفعت أسهم شركات مثل "المتقدمة" و"ينساب" و"المراعي"، وذلك بفضل نتائج مالية فصلية جاءت أعلى من التوقعات، إضافة إلى أنباء عن توزيعات أرباح محتملة خلال الفترة المقبلة.
أما على صعيد السيولة، فقد بلغ إجمالي قيمة التداولات في السوق نحو 5.5 مليار ريال فقط، وهو ما يُعد من أقل المستويات خلال الأسبوع الجاري، مما يعكس ضعف الإقبال الشرائي من قبل المؤسسات الكبرى وغياب قرارات استثمارية مؤثرة.
السوق الموازية "نمو" سجل أيضًا تحركات محدودة، حيث أغلق على استقرار شبه تام عند مستويات الجلسة السابقة، وسط تداولات ضعيفة على غالبية الأسهم المدرجة فيه، ويُلاحظ تراجع اهتمام المستثمرين الأفراد بهذا السوق في الآونة الأخيرة.
وشهدت الجلسة ضغوطًا بيعية واضحة من قبل المستثمرين الأفراد الذين فضلوا جني الأرباح بعد سلسلة من المكاسب المحققة في الأسبوع الماضي، فيما فضل كثير من المتعاملين انتظار نتائج الشركات للربع الثاني قبل ضخ سيولة جديدة في السوق.
التحليل الفني للمؤشر يُظهر بوضوح أن مستوى 12300 نقطة لا يزال يمثل منطقة مقاومة قوية تعيق استكمال موجة الصعود، في حين أن كسر مستويات الدعم عند 12250 قد يفتح المجال لمزيد من التراجع في حال غياب أخبار إيجابية مؤثرة.
محللون يرون أن السوق قد يستمر في حالة التذبذب خلال الجلسات المقبلة، ما لم تظهر بيانات محفزة محليًا أو عالميًا، مشيرين إلى أن المؤشر العام لا يزال يتحرك ضمن نطاق عرضي محدود ينتظر كسرًا لأحد المستويات الفنية الرئيسية لتحديد اتجاهه المقبل.
وما زالت التوقعات تشير إلى إمكانية حدوث ارتدادات فنية قصيرة في بعض القطاعات، خاصة التأمين والاتصالات، لكن ذلك يظل رهينًا بسيولة السوق ومدى رغبة الصناديق والمؤسسات في الدخول عند المستويات الحالية التي يراها البعض جاذبة للشراء.
يُذكر أن جلسة اليوم لم تشهد إعلانات جوهرية من الشركات المدرجة، وهو ما ساهم في بقاء المستثمرين في حالة ترقب وحيطة، ما يفسر حالة الخمول النسبي التي طغت على التداولات، إضافة إلى محدودية الأخبار الاقتصادية محليًا.
ختام الجلسة أظهر أن السوق بحاجة لمحفزات حقيقية تعيد الثقة لدى المستثمرين، خاصة أن موجة التذبذب الحالية قد تستمر إذا استمرت السيولة عند المستويات المنخفضة الحالية، وهو ما يضع صناع السوق أمام تحديات في استعادة الزخم الإيجابي.