تطوير الطرق بمدينة الرياض.
تحركات رسمية لإعادة تشكيل شوارع العاصمة .. بدء نزع ملكيات هذه المنطقة ضمن تطوير محاور الطرق
كتب بواسطة: سوسن البازل |

أعلنت الهيئة الملكية لمدينة الرياض عن بدء تنفيذ واحدة من أكبر عمليات نزع الملكية في العاصمة، وذلك في إطار مشروع تطوير محاور الطرق الدائرية والرئيسية، وهو المشروع الذي يشكل جزءاً حيوياً من خطة التحول الحضري والهيكلي التي تشهدها المدينة في السنوات الأخيرة، تمهيداً لمستقبل أكثر كفاءة وتنظيمًا.

وتشمل الإجراءات العقارية الجديدة نزع ملكيات عدد من العقارات التي تتعارض مواقعها مع المسارات المعتمدة لتنفيذ مشروعات تطوير الطرق، حيث تضم القائمة أربعة مشروعات كبرى، يأتي في مقدمتها مشروع الطريق الدائري الشرقي الثاني، وهو أحد الشرايين الجديدة التي يُعوّل عليها لتخفيف الازدحام وتحسين انسيابية الحركة.

ويمتد البرنامج ليشمل كذلك مشروع محور طريق الثمامة، الذي يُعتبر أحد المحاور الحيوية في شمال المدينة، إذ يربط بين عدد من الأحياء والمراكز الإدارية والاقتصادية، كما يدخل في نطاق التطوير طريق الأمير مشعل بن عبدالعزيز، والذي يشكل بدوره نقطة التقاء بين عدد من المناطق الحيوية غرب الرياض.

كما يشمل البرنامج تطوير تقاطع الطريق الدائري الغربي مع طريق جدة، بالإضافة إلى إنشاء جسرين موازيين للجسر المعلق القائم حالياً، وهو ما يُمثّل توسعة استراتيجية في البنية التحتية تسهم في تقليل الاختناقات، وتحسين التوزيع المروري في هذه البقعة المهمة من العاصمة.

وأكدت الهيئة في بيانها أن الإجراءات القانونية لنزع الملكية تسير وفق أنظمة واضحة وشفافة، وتتم بمراعاة حقوق الملاك، حيث دعت الهيئة جميع أصحاب العقارات الواقعة ضمن النطاق المتأثر بالمشروعات إلى تقديم المستندات المطلوبة إلكترونياً، مما يسهل إجراءات الحصر والتعويضات، ويختصر الوقت والجهد.

وتُعد هذه المشروعات جزءًا من رؤية متكاملة لتطوير شبكة الطرق داخل المدينة، حيث تهدف الهيئة من خلالها إلى مضاعفة القدرة الاستيعابية للطرق، وربط المحاور الرئيسة والفرعية بطريقة أكثر كفاءة، بما يتماشى مع النمو السكاني والتوسع الحضري المتسارع في الرياض.

ويأتي مشروع الطريق الدائري الشرقي الثاني كأحد أبرز المشروعات الطموحة التي يجري تنفيذها حاليًا، إذ يمثل حلقة إضافية ضمن سلسلة الطرق الدائرية، ويهدف إلى تخفيف الضغط عن الدائري الأول والثاني، اللذين يشهدان كثافة مرورية متزايدة على مدار اليوم، لا سيما في ساعات الذروة.

أما مشروع محور طريق الثمامة، فيرتبط مباشرة بتوسعة وتطوير المناطق الشمالية للمدينة، ويُنظر إليه باعتباره محوراً اقتصادياً جديداً يُسهم في تنشيط الحركة التجارية، ويربط بين مراكز الأعمال الحديثة ومطار الملك خالد الدولي، ما يرفع من كفاءة التنقل ويُسرع وتيرة التطوير.

وفيما يتعلق بمشروع طريق الأمير مشعل بن عبدالعزيز، فقد أُدرج ضمن الخطة الاستراتيجية نظراً لأهميته في ربط الأحياء الغربية بالطريق الدائري الغربي، إذ يعاني هذا المقطع منذ سنوات من ضغط مروري مرتفع، وتأتي أعمال التوسعة والتطوير لتكون حلاً دائماً لهذه المعضلة.

ولا يقل مشروع الجسرين الموازيين للجسر المعلق أهمية عن سابقيه، حيث تهدف هذه الخطوة إلى مضاعفة السعة المرورية للمنطقة، وتخفيف الضغط المتزايد على الجسر القائم، الذي يُعد نقطة عبور رئيسية بين شرق وغرب الرياض، كما سيساهم تطوير تقاطع الدائري الغربي مع طريق جدة في تحسين تدفق الحركة إلى خارج المدينة.

وأوضحت الهيئة الملكية لمدينة الرياض أن نزع الملكيات هو إجراء نظامي يتم بناءً على اللوائح المعتمدة، ويشمل تعويض الملاك بما يتوافق مع قيمة العقار السوقية العادلة، وأن جميع الخطوات تتم تحت إشراف لجان مختصة لضمان العدالة والشفافية، كما تم فتح قنوات تواصل مباشر للملاك عبر الرقم الموحد لتسهيل المتابعة.

وقد أكدت مصادر مطلعة أن الهيئة بدأت فعلياً في عمليات المسح الميداني للعقارات المشمولة ضمن نطاق التطوير، فيما يُنتظر أن تبدأ عمليات الإزالة والبناء في بعض المواقع خلال الأشهر القادمة، تمهيداً لدخول هذه المحاور مرحلة التنفيذ الفعلي على الأرض.

ويأتي هذا المشروع الضخم ضمن سلسلة مشاريع حيوية تعمل عليها الهيئة الملكية لمدينة الرياض، بهدف جعل المدينة نموذجاً حضرياً عالمياً، حيث تُسهم هذه التطويرات في تحسين جودة الحياة، وتقليل زمن التنقل، ورفع كفاءة الخدمات، وهي من الركائز الأساسية لرؤية المملكة 2030.

ولا يُعد نزع الملكية في مثل هذه المشروعات أمرًا جديدًا على الرياض، إذ شهدت العاصمة خلال العقود الماضية العديد من الخطوات المشابهة، لكن التطور الحالي يتسم بالاتساع والدقة التقنية في التخطيط والتنفيذ، ما يرفع من وتيرة الإنجاز، ويُقلل من التأثيرات السلبية على السكان.

ويُتوقع أن تُحدث هذه التطويرات تحوّلاً لافتاً في المشهد الحضري للعاصمة، لا سيما في ظل تنامي الكثافة السكانية، وتوسع المشاريع العقارية والتجارية، الأمر الذي يستدعي تطوير البنية التحتية بما يتوافق مع التطلعات المستقبلية وخطط التنمية الشاملة.

وتستهدف الهيئة من خلال هذه المشروعات تقليص زمن التنقل بين أطراف المدينة، وتخفيف الازدحام في المحاور الحيوية، وتوفير مسارات جديدة للنقل العام وخدمات الطوارئ، مما يعزز من كفاءة الخدمات ويرفع مستوى الأمان والراحة للمواطنين والمقيمين.

ويأتي هذا التحول ضمن سلسلة من المشروعات التي أعلنت عنها الهيئة خلال السنوات الأخيرة، والتي تشمل تطوير شبكة المترو والحافلات، وإنشاء شبكة طرق ذكية تُدار عبر أنظمة متقدمة، ويُنتظر أن تكتمل هذه المشروعات على مراحل خلال السنوات القادمة.

كما تؤكد الهيئة أن التعاون مع الجهات الحكومية المختلفة يسير وفق تنسيق عالٍ، بهدف تيسير الإجراءات، وضمان تعويض المتضررين بأسرع وقت ممكن، فيما تستمر الحملة الإعلامية للتعريف بالخطوات المطلوبة من الملاك، وتوفير الإرشادات الفنية والقانونية اللازمة لهم.