شهد اليوم الثاني من فعاليات "أسبوع الرياض الدولي للصناعة 2025" تنظيم سلسلة من الجلسات الحوارية وورش العمل المتخصصة، التي تناولت أبرز التحديات والتحولات التي يشهدها القطاع الصناعي محليًا ودوليًا، بمشاركة واسعة من قيادات الجهات الحكومية وممثلي القطاع الخاص، إضافة إلى خبراء ومتخصصين في مجالات متنوعة، وتأتي هذه الفعاليات في إطار دعم الجهود الرامية إلى تطوير قطاع صناعي وطني تنافسي ومستدام، من خلال تبادل الخبرات وتعزيز فرص التعاون بين مختلف مكونات المنظومة الصناعية في المملكة.
وقد استُهلت أعمال اليوم الثاني بعرض تقديمي شامل للاستراتيجية الوطنية للصناعة، قدّمه مدير إدارة دعم مشاريع الصناعات التحويلية بوزارة الصناعة والثروة المعدنية المهندس فهد العتيبي، حيث تناول خلاله أبرز الأهداف التي تسعى الاستراتيجية إلى تحقيقها، والفرص الاستثمارية الواعدة التي تقدمها، إلى جانب استعراض جهود منظومة الصناعة والتعدين في تمكين القطاع الصناعي من خلال تطوير بيئة الأعمال، وتحفيز الاستثمارات المحلية والأجنبية، ورفع كفاءة العمليات الإنتاجية.
وفي أولى الجلسات الحوارية، ناقش المشاركون أهمية تكامل سلاسل الإمداد في الصناعات البتروكيماوية بوصفها أحد العناصر الحيوية لتعزيز التنافسية، مؤكدين ضرورة إيجاد حلول تمكينية مبتكرة وتهيئة بيئة استثمارية مرنة تواكب المتغيرات الاقتصادية، وشارك في هذه الجلسة كل من المهندس إبراهيم الماضي مدير الصناعات التحويلية بوزارة الصناعة والثروة المعدنية، والمهندس نايف الخالدي مدير إدارة تطوير استثمارات المواد الكيميائية المتخصصة بوزارة الاستثمار، والمهندس هيثم الحضيف الرئيس التنفيذي للشركة السعودية الألمانية للمنتجات غير المغزولة، الذين طرحوا رؤى متكاملة حول دور سلاسل الإمداد في تطوير الصناعات التحويلية وجذب رؤوس الأموال.
أما الجلسة الثانية فقد ركزت على أهمية تطوير المدن الصناعية في المملكة كأحد الممكنات الأساسية لتحقيق أهداف التنمية الصناعية، حيث ناقش المتحدثون ضرورة تعزيز البنية التحتية، وتسريع إجراءات تخصيص الأراضي في المناطق الواعدة، وتحسين الخدمات اللوجستية والتقنية بما يسهم في رفع جاهزية المدن الصناعية لاستقطاب الاستثمارات الصناعية النوعية. وقد شارك في هذه الجلسة كل من المهندس وائل بامهير المدير العام لمدخلات الصناعة والبنية التحتية بوزارة الصناعة والثروة المعدنية، والمهندس محمد العودة المدير العام للشؤون الفنية والمساندة بالهيئة الملكية للجبيل وينبع، والمهندس عبدالرحمن الرميزان مدير إدارة الاستثمار بالهيئة السعودية للمدن الصناعية ومناطق التقنية "مدن"، حيث قدموا مداخلات حول خطط التطوير الراهنة والتحديات القائمة وسبل تجاوزها.
كما تناولت الجلسة الثالثة أهمية التحول إلى "مصانع المستقبل"، وذلك من خلال اعتماد تقنيات الذكاء الاصطناعي والنماذج التشغيلية الذكية، معتبرين أن هذا التحول يُمثل فرصة إستراتيجية لتعزيز الكفاءة التشغيلية، وتحسين جودة المنتجات، وضمان الاستدامة، وتم خلال الجلسة استعراض الجهود التي تبذلها الوزارة وهيئات الدعم الصناعي في تطوير التشريعات والسياسات التي تحفز الابتكار وتدعم التحول الرقمي، بمشاركة كل من المهندس هشام الفوزان المدير العام لتنافسية القطاع الصناعي بوزارة الصناعة والثروة المعدنية، وأمين الريس المدير العام للإدارة العامة للمواصفات والمقاييس والجودة، والمهندس منصور الربدي الرئيس التنفيذي لشركة ساند المرافق لتقنية المعلومات التابعة لمجموعة العبيكان.
وفي جلسة أخرى، ناقش كل من حمد المفيز مدير عام الاستدامة المالية بوزارة الصناعة والثروة المعدنية، ومحمد العيسى مدير علاقات الائتمان بصندوق التنمية الصناعية السعودي، دور التمويل في تحقيق الاستدامة الصناعية، حيث سلطا الضوء على مبادرات الصندوق في دعم القطاعات الصناعية الإستراتيجية، وتوسيع نطاق التمويل ليشمل مجالات مثل الطاقة والخدمات اللوجستية والتعدين، كما تم استعراض البرامج التمويلية والتحفيزية المتاحة، ومن ضمنها منصة "صناعي"، التي تهدف إلى تقديم خدمات تمويلية واستشارية متكاملة للمنشآت الصناعية الناشئة والقائمة.
واختتمت الجلسات الحوارية بجلسة مخصصة لمناقشة أهمية المحتوى المحلي والتوطين في تعزيز الإنتاجية الوطنية وتحقيق الاكتفاء الصناعي، حيث أكد المشاركون ضرورة تطوير سلاسل القيمة، وتحفيز الشراكات بين القطاعين العام والخاص، وجعل التوطين ركيزة أساسية لتحقيق الأهداف الاقتصادية المنشودة، وشارك في هذه الجلسة المهندس محمد العماني مدير إدارة المحتوى المحلي بوزارة الصناعة والثروة المعدنية، والمهندس هادي الكناني ممثل المركز الوطني لتنمية القطاع الصناعي، وراشد الكنهل المدير التنفيذي لتطوير الأعمال في هيئة المحتوى المحلي والمشتريات الحكومية، حيث طرحوا رؤى متكاملة لتفعيل مبادرات التوطين وتوسيع نطاق تطبيقها.
إلى جانب الجلسات الحوارية، نُظمت عدة ورش عمل متخصصة تناولت موضوعات إستراتيجية في القطاع الصناعي، من أبرزها ورش "توفر المواد الخام وبرنامج التنافسية"، و"مصانع المستقبل"، و"برنامج التنافسية الصناعية (ICP)"، و"روابط الصناعات"، و"برنامج الحوافز الموحد (SIP)"، إضافة إلى ورشة حول "اتفاقيات التجارة الحرة وتدابير مكافحة الإغراق"، وورشة ناقشت "دور البنية التحتية في تعزيز نمو الصناعات وتنافسية المدن الصناعية"، وهدفت هذه الورش إلى توسيع نطاق المعرفة التخصصية، وإطلاع المشاركين على آخر المبادرات الحكومية، واستكشاف آليات تفعيلها لتحقيق أكبر فاعلية في التطبيق العملي.
ويُشار إلى أن فعاليات اليوم الثاني من "أسبوع الرياض الدولي للصناعة 2025" شهدت مشاركة نخبة من القيادات الصناعية وصناع القرار، من بينهم مديرو عموم ورؤساء تنفيذيون وخبراء في مجالات التمويل وسلاسل الإمداد والمحتوى المحلي، بما يعكس تكامل الأدوار بين القطاعين الحكومي والخاص، والتوجه المشترك نحو بناء قطاع صناعي وطني متقدم، يدعم تطلعات رؤية المملكة 2030 في تنويع مصادر الدخل وخلق فرص استثمارية مستدامة.