المملكة تبدأ حقبة جديدة في النقل بتدشين المركبات الذاتية القيادة
المملكة تبدأ حقبة جديدة في النقل بتدشين المركبات الذاتية القيادة
كتب بواسطة: محمد بن سالم |

في خطوة تعد من أبرز التحولات التقنية في قطاع النقل بالمملكة، أُعلنت اليوم اتفاقية استراتيجية تهدف إلى إدخال المركبات ذاتية القيادة إلى الشوارع السعودية، ضمن خطة طموحة تسعى لتعزيز الابتكار وتحسين جودة الحياة، بما يتماشى مع أهداف رؤية المملكة 2030، والاتفاقية جاءت نتيجة تعاون بين جهة حكومية رائدة في مجال النقل وشركة تكنولوجيا عالمية متخصصة في أنظمة القيادة الذاتية، ما يشكل حجر الزاوية في مستقبل التنقل الذكي داخل المملكة.

الاتفاقية الموقعة تؤسس لإطلاق أول أسطول من المركبات الذاتية القيادة في عدد من المدن الكبرى، وستكون البداية من العاصمة الرياض، وهذه المبادرة ستخضع في مراحلها الأولى لسلسلة من الاختبارات المكثفة، تحت إشراف هيئات مختصة لضمان التوافق مع معايير الأمان والسلامة، كما تم التأكيد على أن استخدام هذه المركبات لن يقتصر على النقل العام فقط، بل سيشمل خدمات التوصيل والنقل الخاص وتطبيقات النقل الذكي.

ويُنظر إلى هذه الخطوة على أنها منعطف تقني مهم، يدعم تحولات المملكة نحو الاقتصاد الرقمي ويعزز من اعتمادها على تقنيات الذكاء الاصطناعي، وتعد المركبات ذاتية القيادة واحدة من أبرز ثمار هذا التوجه، لما توفره من تقليل للحوادث المرورية الناتجة عن الأخطاء البشرية، فضلاً عن تقليل الانبعاثات الكربونية، وتخفيف الازدحام داخل المدن، بما يدعم جهود الاستدامة البيئية.

من الناحية التنظيمية، أشارت الجهات المسؤولة إلى أن هناك إطاراً قانونياً وتنظيمياً جارٍ العمل عليه بالتوازي مع تنفيذ المشروع، لضمان جاهزية البنية التحتية للتعامل مع هذا النوع من المركبات، وتشمل الإجراءات إنشاء مناطق اختبار آمنة، وتطوير إشارات مرور ذكية، بالإضافة إلى ربط المركبات بأنظمة مراقبة وتحكم مركزية تعمل بتقنيات إنترنت الأشياء (IoT) والذكاء الاصطناعي.

وفي تعليق رسمي، أكد مسؤول في هيئة النقل العام أن الاتفاقية تمثل قفزة نوعية في مشروعات النقل المستقبلي داخل المملكة، مشيراً إلى أن التجارب ستبدأ خلال الأشهر القادمة، على أن يتم التوسع التدريجي حسب نتائج الأداء الميداني، وأضاف أن "المملكة لن تكتفي فقط بجلب التقنية، بل تهدف إلى توطينها وتطوير كوادرها الوطنية القادرة على إدارتها وتطويرها لاحقاً."

من جانبها، أعربت الشركة التقنية العالمية المشاركة في المشروع عن سعادتها بالتعاون مع المملكة، مؤكدة أن البنية التحتية المتطورة والدعم الحكومي الكبير للتقنيات الحديثة، يجعلان من السعودية بيئة مثالية لاختبار وتطوير حلول النقل الذكي، وأشارت إلى أنها ستوفر أنظمة قيادة متقدمة تعتمد على مستشعرات دقيقة، ورؤية حاسوبية متقدمة، قادرة على التفاعل مع محيطها بكفاءة عالية.

الخبراء في مجال النقل والتقنيات الحديثة أبدوا تفاؤلهم بهذه الخطوة، مؤكدين أنها تمهد الطريق لتحولات جذرية في مفهوم التنقل داخل المدن، كما أشاروا إلى أهمية دمج هذه المبادرة مع مشروعات المدن الذكية الجاري تنفيذها مثل "نيوم" و"ذا لاين"، والتي تعتمد بشكل أساسي على حلول نقل غير تقليدية ومستدامة، تجعل من القيادة الذاتية ركيزة أساسية في بنيتها التشغيلية.

وفي الوقت الذي تتجه فيه العديد من دول العالم لتبني المركبات ذاتية القيادة، تبرز المملكة كلاعب رئيسي في المنطقة يسعى لأن يكون في صدارة الدول المطورة والمطبقة لهذا النوع من الحلول، ويؤكد المراقبون أن هذه الاتفاقية ليست فقط نقلًا لتقنية عالمية، بل إعلان لبدء عصر جديد في مفهوم النقل، يعكس طموحات المملكة في أن تكون نموذجًا عالميًا في الابتكار والتحول الرقمي.