أعربت منظمة الصحة العالمية عن بالغ قلقها من التدهور الخطير والمتسارع للوضع الإنساني والصحي في قطاع غزة، حيث تجاوز عدد القتلى حاجز 52,000 حالة وفاة، بالإضافة إلى ما يزيد عن 120,000 إصابة، في واحدة من أسوأ الأزمات الصحية والإنسانية التي يشهدها العالم في الوقت الراهن.
وأكدت الدكتورة حنان بلخي، المدير الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية في شرق المتوسط، أن المستشفيات القليلة التي لا تزال تعمل في القطاع تعاني بشكل غير مسبوق في محاولة لتقديم الحد الأدنى من الخدمات الصحية، في ظل حصار شامل مستمر منذ تسعة أسابيع تفرضه قوات الاحتلال الإسرائيلي.
وأشارت إلى أن القيود المفروضة على دخول المساعدات الإنسانية، خاصة الإمدادات الطبية والغذائية، أدت إلى حالة انهيار شبه كامل في المنظومة الصحية، وسط ضغط هائل على الكوادر الطبية الذين يواجهون ظروفًا كارثية، حيث تعرض آلاف العاملين في القطاع الصحي للقتل، أو الإصابة، أو الاحتجاز، ما فاقم من تعقيد الوضع، وفي خطوة مقلقة، أعلنت السلطات الإسرائيلية نيتها إلغاء النظام الأممي الحالي لتوزيع المساعدات، واستبداله بآلية تخضع لرقابة الجيش الإسرائيلي، مما يهدد بزيادة تعقيد المشهد الإنساني، ويشكل خرقًا صارخًا للمبادئ الإنسانية الدولية.
وشددت منظمة الصحة العالمية على رفضها القاطع لأي آلية لتوزيع المساعدات لا تتوافق مع القوانين الدولية الإنسانية، مؤكدة أن المنظمة والأمم المتحدة لن تكونا طرفًا في أي ترتيبات تمس حقوق المدنيين أو تعرض حياتهم للخطر، وأوضحت الدكتورة بلخي أن الوضع الإنساني المتدهور في غزة انعكس بشكل مباشر على واقع الأمن الغذائي، حيث يواجه ثلاثة أرباع سكان القطاع مستويات كارثية من الجوع، وسط مؤشرات واضحة على انتشار الأمراض المعدية، نتيجة لنقص الغذاء، والماء النظيف، وغياب الخدمات الصحية.
وفي حديثها عن الوضع الصحي في منطقة شرق المتوسط، أكدت بلخي أن الأزمة لا تقتصر على غزة فحسب، بل تشمل دولًا أخرى تمر بظروف مأساوية، من بينها اليمن، الذي يشهد موجة جديدة من تفشي وباء الكوليرا.
فقد سُجل خلال العام الماضي أكثر من 270 ألف حالة مشتبه فيها بالكوليرا، بالإضافة إلى 900 حالة وفاة مرتبطة بالوباء، ولفتت بلخي إلى أن النظام الصحي في اليمن لا يزال هشًا وعاجزًا عن التعامل مع هذه الموجات الوبائية المتكررة، ما يتطلب تكثيف الدعم الدولي.
أما في السودان، فأكدت بلخي أن الأزمة الصحية تزداد سوءًا، خاصة في ظل استمرار العنف والنزاعات المسلحة، التي أدت إلى تدمير واسع للبنية التحتية، بما في ذلك المنشآت الصحية.
وتشير البيانات إلى أن حوالي 24.6 مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي هذا الشهر فقط، من ضمنهم ما لا يقل عن 770 ألف طفل، ما يضع أجيالًا كاملة على حافة المجاعة وسوء التغذية الحاد.
وفي محاولة لاحتواء الوضع، أوضحت بلخي أن المنظمة لا تزال مستمرة في تقديم الدعم لنحو 136 مركزًا إسعافيًّا في السودان، كما تقوم بنشر فرق طبية متخصصة للتعامل مع تفشي الكوليرا، التي أدت إلى وفاة 1,600 شخص في 12 ولاية حتى الآن.