رئاسة شؤون الحرمين
السعودية تطلق من المدينة المنورة منارة قرآنية عالمية تجمع بين التلاوة والتدبر
كتب بواسطة: محمد بن سالم |

في خطوة رائدة تعكس العناية الفائقة التي توليها المملكة العربية السعودية للحرمين الشريفين وكتابه العزيز، أطلقت وكالة الشؤون الدينية بالمسجد النبوي برنامجًا قرآنيًا إثرائيًا عالميًا هو الأكبر من نوعه، ضمن أعمالها في موسم الحج لهذا العا، ويُعد هذا المشروع المبارك من أبرز المبادرات النوعية التي تهدف إلى تعزيز حضور كتاب الله تعالى في قلوب ضيوف الرحمن والزائرين من مختلف بقاع الأرض، من خلال منظومة متكاملة تجمع بين التلاوة، والتدبر، والتفسير، والتعليم، والتجويد.

ويأتي هذا المشروع الضخم تحت إشراف مباشر من معالي الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي، الشيخ الدكتور عبدالرحمن بن عبدالعزيز السديس، الذي أكد في تصريحاته أهمية هذا البرنامج العالمي في دعم الجوانب الروحية والمعرفية لحجاج بيت الله الحرام وزائري المسجد النبوي الشريف، وأوضح معاليه أن هذه المبادرة تأتي استجابة لتطلعات القيادة الرشيدة في المملكة العربية السعودية – أيدها الله – في خدمة القرآن الكريم وأهله، وترسيخ رسالته في وجدان الأمة الإسلامية.

وأشار معالي الدكتور السديس إلى أن البرنامج القرآني الإثرائي العالمي يهدف إلى تعميق العلاقة بين الإنسان وكتاب الله، من خلال توفير بيئة تعليمية وروحية تسهم في رفع مستوى الإدراك والإتقان في تلاوة القرآن الكريم وتدبر معانيه والعمل به، وأوضح أن المشروع يشمل عدة مسارات علمية وتعليمية، تستهدف مختلف الفئات العمرية والمستويات العلمية، ويراعي تنوع الخلفيات الثقافية واللغوية للحجاج والمعتمرين.

ووفقًا للبيان الصادر عن وكالة الشؤون الدينية، فإن المشروع يتضمن حلقات تعليمية متقدمة للتجويد وحفظ القرآن الكريم، وورش عمل لشرح الهدايات القرآنية، ودورات في علوم القرآن، إضافة إلى مبادرات تفاعلية رقمية تسهم في إيصال رسالة القرآن بلغة العصر، وبوسائل تتناسب مع التطور التقني والرقمي.

كما تسعى الوكالة من خلال هذا المشروع إلى تقديم نموذج علمي وشرعي متكامل يعكس سماحة الدين الإسلامي، ويرسخ القيم الوسطية والاعتدال في نفوس المشاركين، بما يحقق رسالة الحرمين الشريفين في الدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة.

وأكدت الوكالة أن هذا البرنامج القرآني ليس مجرد مبادرة موسمية، بل هو مشروع استراتيجي ذي أبعاد علمية وتربوية مستدامة، يسعى إلى أن يكون منارة إشعاع حضاري وعلمي ودعوي، تستلهم من نور القرآن الكريم نهجًا واضحًا في بناء الإنسان وتحصينه فكريًا وروحيًا.

وفي سياق متصل، أشار عدد من العلماء والمشايخ المشاركين في المشروع إلى أهمية الدور الذي يقوم به البرنامج في تصحيح المفاهيم المغلوطة، ومحاربة الفكر المتطرف، من خلال التركيز على الهدايات القرآنية التي تدعو إلى السلم والسلام والتعايش الإنساني.

كما أشاد زوّار المسجد النبوي من مختلف الجنسيات بهذا البرنامج القرآني الفريد، مؤكدين أن مثل هذه المبادرات تلامس القلوب وتفتح آفاقًا جديدة للتفاعل مع كلام الله عز وجل، بعيدًا عن الجمود أو الاقتصار على التلاوة دون تدبر وفهم.

ويعتمد المشروع في تنفيذه على شراكات فاعلة مع عدد من الجهات التعليمية والدعوية والبحثية داخل المملكة وخارجها، لضمان تحقيق الجودة العالية في محتواه العلمي والتربوي، مع مراعاة التنوع الثقافي والمعرفي لدى المشاركين.

ويشرف على تنفيذ البرنامج نخبة من العلماء والقراء المتخصصين في علوم القرآن والتجويد، ويستخدم أحدث الوسائل التعليمية والتقنيات الرقمية لضمان وصول الرسالة القرآنية إلى أكبر عدد ممكن من الزائرين بلغات متعددة.

ويأتي إطلاق هذا البرنامج ضمن جهود رئاسة شؤون الحرمين في توسيع نطاق المبادرات النوعية ذات الأثر العالمي، والتي تترجم عناية المملكة وقيادتها الرشيدة بكتاب الله، وتؤكد على دور المملكة الريادي في خدمة الإسلام والمسلمين، وتعزيز قيم الاعتدال والتسامح.

وقد عبّر عدد من المسؤولين في رئاسة الحرمين الشريفين عن اعتزازهم بإطلاق هذا المشروع، مشيرين إلى أنه يمثل نقلة نوعية في البرامج الدينية المقدمة لضيوف الرحمن، ويجسد روح الريادة السعودية في خدمة القرآن الكريم.

واختتم معالي الشيخ السديس تصريحه بالتأكيد على أن هذا المشروع هو جزء من سلسلة برامج دينية وتوعوية شاملة تهدف إلى تقديم صورة مشرقة عن الإسلام، وتعزيز حضور القرآن الكريم في كل مناحي الحياة، لا سيما في مواسم الطاعة التي تتوافد فيها القلوب المؤمنة من كل فج عميق إلى رحاب الحرمين الشريفين.