في إطار المهام الرقابية التي تضطلع بها القوات الخاصة للأمن البيئي، وبما ينسجم مع الالتزام الوطني بالمحافظة على سلامة النظم البيئية، تمكنت الفرق الميدانية التابعة للقوات من ضبط أحد المقيمين من الجنسية الهندية، إثر ارتكابه مخالفة بيئية تمثلت في تفريغ مواد خرسانية بشكل عشوائي، ما أدى إلى تلويث البيئة والإضرار بالتربة في إحدى مناطق المنطقة الشرقية، في انتهاك صريح لأحكام نظام البيئة المعمول به في المملكة.
وقد باشرت القوات الخاصة للأمن البيئي الإجراءات النظامية بحق المخالف، حيث تم تحرير محضر ضبط رسمي وإحالته إلى الجهات المختصة لاستكمال التحقيقات النظامية واتخاذ ما يلزم من عقوبات نظامية بحقه، ويأتي ذلك في ظل حرص الجهات المعنية على تطبيق الأنظمة البيئية بصرامة، بما يضمن حماية الموارد الطبيعية، ويمنع أي ممارسات من شأنها التأثير سلبًا على التوازن البيئي أو الانتقاص من جودة مكونات البيئة.
وأكدت القوات أن التصرفات التي تنطوي على ممارسة أنشطة ملوثة أو متلفة للتربة تُعد من أبرز المخالفات البيئية الخطرة التي توليها الجهات الرقابية اهتمامًا خاصًا، وذلك لما لها من آثار مباشرة على سلامة النظم البيئية، وعلى الأمن البيئي والغذائي للسكان، وأشارت إلى أن العقوبات المقررة في نظام البيئة تطال كل من يمارس نشاطًا من شأنه إحداث ضرر بالتربة، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، وقد تصل الغرامات في مثل هذه المخالفات إلى (10) ملايين ريال، في حال ثبوت تعمد الإضرار أو التكرار أو الأثر البيئي الكبير.
وتُعد التربة أحد الموارد البيئية الاستراتيجية التي تقوم عليها سلسلة متكاملة من الأنشطة الحيوية، ومنها الزراعة، واستدامة الغطاء النباتي، والتوازن الطبيعي للنظام البيئي، وبالتالي، فإن المساس بخواصها الفيزيائية أو الكيميائية نتيجة الممارسات الملوثة، مثل إلقاء المخلفات الخرسانية أو الصناعية، يؤدي إلى تقويض قدرتها على دعم الحياة النباتية، ويؤثر سلبًا على الأمن الغذائي وجودة الحياة في المناطق المتضررة.
وذكرت القوات الخاصة للأمن البيئي أن الجهات ذات العلاقة تعمل بشكل تكاملي لضبط المخالفين، بالتعاون مع وزارات وهيئات متخصصة، وفي مقدمتها وزارة البيئة والمياه والزراعة، وهيئة حماية البيئة، وغيرها من الأجهزة الرقابية، وذلك من خلال تنفيذ جولات ميدانية، والاستعانة بالتقنيات الحديثة لرصد الممارسات البيئية الضارة، فضلاً عن تعزيز الوعي المجتمعي بضرورة المحافظة على مكونات البيئة ومقدراتها.
وتسعى القوات الخاصة للأمن البيئي من خلال جهودها الرقابية إلى فرض أعلى درجات الالتزام البيئي، عبر تنفيذ أنظمة الرصد والمتابعة، وتعزيز مستوى الامتثال للأنظمة البيئية الوطنية، وذلك في ظل ما تشهده المملكة من تحولات بيئية وتنموية كبرى، تؤكد أهمية الاستدامة والمحافظة على الموارد الطبيعية باعتبارها أحد مرتكزات رؤية المملكة 2030.
ويأتي هذا الضبط امتدادًا لحملات رقابية متواصلة تهدف إلى التصدي لكافة أشكال التلوث البيئي، بما في ذلك الممارسات الفردية أو المؤسسية التي لا تراعي الاشتراطات النظامية في التعامل مع المخلفات، أو التي تنطوي على استخدام المواد المؤثرة على خصائص البيئة والتربة والمياه، وتعمل القوات على مراقبة الأنشطة البيئية بجميع أشكالها، بما فيها الأنشطة الصناعية، والإنشائية، والزراعية، وممارسات التخييم أو التنزه غير النظامي، وذلك لضمان الالتزام الكامل بالضوابط البيئية المعتمدة.
كما تركز القوات في إطار مهامها التوعوية على نشر ثقافة بيئية متقدمة، من خلال الحملات الإعلامية، والمواد التوعوية، والأنشطة المجتمعية التي تسلط الضوء على أهمية الالتزام بالأنظمة، وتحذر من آثار التلوث البيئي على الصحة العامة والأنظمة الطبيعية، وعلى التنمية المستدامة بشكل عام.
وفي ضوء هذا الحدث، يتضح جليًا أن الجهات البيئية في المملكة تمضي قدمًا نحو تحقيق بيئة نظيفة وآمنة ومستدامة، تواكب المستويات العالمية في الحماية البيئية، وتدعم خطط التحول الوطني في مجالات الزراعة والموارد الطبيعية والحياة الفطرية، وتأتي هذه الجهود ضمن منظومة متكاملة تعمل تحت مظلة رؤية المملكة، التي تسعى إلى تحسين جودة الحياة، ورفع مستوى الوعي البيئي، وترسيخ مبدأ الحوكمة الرشيدة في إدارة الموارد البيئية.
ويُعد ضبط المخالفين خطوة عملية تؤكد أن المملكة جادة في محاربة كل ما من شأنه الإضرار بالبيئة، سواء أكان على مستوى الأفراد أو الكيانات، وأن تطبيق العقوبات النظامية هو جزء من منظومة إصلاحية شاملة تهدف إلى تعزيز حماية البيئة وضمان استدامتها للأجيال القادمة.