بدء فصل الكهرباء تدريجيًا عن العدادات غير الموثقة في السعودية
بدء فصل الكهرباء تدريجيًا عن العدادات غير الموثقة في السعودية
كتب بواسطة: فاتن حامد |

بدأت اليوم الجهات المعنية في المملكة العربية السعودية تنفيذ المرحلة الأولى من قرار فصل التيار الكهربائي تدريجيًا عن العدادات غير الموثقة، وذلك بعد انتهاء المهلة التي مُنحت للمواطنين والمقيمين لتحديث بيانات عدادات الكهرباء وربطها بمعلومات الهوية الوطنية أو الإقامة، ويأتي هذا الإجراء في إطار جهود الشركة السعودية للكهرباء ووزارة الطاقة لتنظيم قطاع الكهرباء وتحقيق مزيد من الشفافية والعدالة في استهلاك الخدمة، عبر التأكد من أن كل عداد مرتبط بمستخدم فعلي يمكن الرجوع إليه في حال حدوث أي مخالفة أو تراكم في الفواتير.

وشددت الجهات المنظمة على أن الخطوة ليست مفاجئة، بل جاءت بعد حملات إعلامية مكثفة ورسائل توعوية تم بثها عبر مختلف القنوات خلال الأشهر الماضية، حثت فيها المستفيدين من الخدمة على ضرورة الإسراع في توثيق العدادات قبل الوصول إلى مرحلة الفصل، وبيّنت أن الهدف الأساسي من هذه العملية هو تنظيم العلاقة التعاقدية بين الشركة والمستهلك، وتحديد المسؤوليات بدقة، خاصة أن حالات كثيرة كانت تشهد استخدامًا للعدادات من قبل أشخاص غير مسجلين رسميًا، مما يسبب خللًا في المتابعة ويزيد من المخاطر المالية والفنية.

وقد بدأت الفرق الفنية المكلفة بفصل التيار تنفيذ مهامها صباح اليوم في عدة مناطق بشكل تدريجي، مع التركيز في المرحلة الأولى على العدادات التي لم يتم فيها توثيق البيانات إطلاقًا، أو التي تم رصد معلومات مغلوطة بشأن مستخدميها، وتم التنسيق مع الجهات الأمنية والمحلية لضمان سير الإجراءات بسلاسة، وتفادي أي إرباك محتمل للسكان، خصوصًا في المناطق ذات الكثافة السكانية العالية.

وأكدت الشركة السعودية للكهرباء أن إعادة الخدمة مشروطة بقيام المستخدم الفعلي بتوثيق بيانات العداد باسمه عبر المنصات الإلكترونية المعتمدة مثل "حسابي"، أو من خلال مكاتب الخدمة التابعة للشركة، كما نبهت إلى أن توثيق العداد لا يقتصر على ملاك العقارات فقط، بل يشمل المستأجرين وأي مستخدم فعلي للخدمة، وذلك بما يتوافق مع لائحة تنظيم الكهرباء التي أُقرت لضمان الحقوق والواجبات بين الطرفين.

وقد لوحظ خلال الأيام الماضية إقبال ملحوظ من المستهلكين على تحديث بيانات العدادات، خاصة مع اقتراب موعد بدء الفصل، وهو ما ساهم في تقليل عدد الحالات المستهدفة، ومع ذلك، لا تزال هناك نسبة من العدادات لم يتم توثيقها، إما بسبب الإهمال أو لوجود إشكاليات في إثبات العلاقة بين المستخدم والعقار، ما دفع بعض الجمعيات العقارية والمستأجرين إلى مطالبة بتمديد المهلة أو إيجاد حلول بديلة لتفادي توقف الخدمة.

ومن المتوقع أن يُحدث قرار فصل الكهرباء عن العدادات غير الموثقة تأثيرات فورية على شريحة من المستخدمين، خاصة في المباني متعددة الوحدات التي كان يتم فيها استخدام عدادات بأسماء ملاك سابقين أو شركات تطوير لم تُحدث بياناتها، كما يُتوقع أن تنجم عن الخطوة شكاوى أو مطالبات قانونية من بعض المستفيدين الذين لم يتمكنوا من التحديث لأسباب تقنية أو إدارية، وهو ما يستدعي من الشركة مرونة في معالجة الحالات الخاصة دون الإخلال بصرامة النظام.

ويرى مراقبون أن هذا القرار يُعد خطوة تنظيمية ضرورية تأخرت بعض الشيء، إلا أن توقيتها الحالي يعكس رغبة الجهات المنظمة في تصحيح أوضاع السوق العقاري والخدمي، خصوصًا أن خدمة الكهرباء تُعد من أهم الخدمات الأساسية التي تتطلب توثيقًا دقيقًا لمتلقيها، كما أن ربط العداد بالمستخدم الفعلي يسهم في تقليص نسب التهرب من السداد، ويعزز العدالة في توزيع الاستهلاك، ويرفع كفاءة الخدمات الرقمية في إدارة البنية التحتية للطاقة.

وقد دعت الشركة كافة المواطنين والمقيمين إلى مراجعة بيانات عداداتهم فورًا عبر المنصات الإلكترونية المتاحة، مؤكدين أن العملية لا تستغرق سوى دقائق، ويمكن تنفيذها من الهاتف المحمول أو الحاسب الآلي، دون الحاجة إلى مراجعة المقرات، كما أوضحت أن من سبق له توثيق بيانات العداد لن يتأثر بأي شكل من الأشكال بالإجراءات الجارية، داعية الجميع إلى عدم الانسياق وراء الشائعات أو المعلومات المغلوطة المتداولة عبر بعض منصات التواصل الاجتماعي.

وفي الوقت الذي تسعى فيه المملكة إلى تطوير منظومتها الخدمية بما يتوافق مع أهداف رؤية 2030، يشكّل هذا القرار جزءًا من سلسلة إصلاحات تنظيمية تهدف إلى رفع الكفاءة وتحسين جودة الحياة، وقد أكدت وزارة الطاقة أن أي خطوة تنظيمية ستُنفذ بمرافقة حملات توعوية، وإتاحة بدائل تقنية مناسبة، لضمان وصول الرسالة إلى جميع فئات المجتمع، وتفادي التأثيرات السلبية على المستهلكين، خاصة في ظل الأهمية القصوى لخدمة الكهرباء في الحياة اليومية.