مبادرة
مبادرة "لا تفتح لهم باب" تحصّن طلاب جازان من التهديدات الإلكترونية
كتب بواسطة: محمد سميح |

أطلق تعليم جازان مبادرة توعوية جديدة تهدف إلى تعزيز ثقافة الأمن السيبراني لدى طلابه ومنسوبيه تحت شعار "لا تفتح لهم باب"، في خطوة نوعية تأتي استجابة لتزايد التهديدات الرقمية ومحاولات الاختراق التي تستهدف الأفراد والمؤسسات على حد سواء، وتهدف الحملة إلى بناء وعي مجتمعي عميق بمخاطر الفضاء الرقمي، وتعزيز السلوكيات الآمنة في التعامل مع التقنيات الحديثة، خصوصاً في بيئة التعليم التي باتت تعتمد بشكل متزايد على المنصات الإلكترونية والبيانات السحابية.

واختارت إدارة التعليم هذا الشعار الرمزي ليعكس المعنى الحقيقي لأحد أبرز المبادئ الأساسية في الأمن السيبراني: الوقاية خير من الاختراق. فـ"لا تفتح لهم باب" لا تعني فقط الامتناع عن فتح الروابط أو الملفات المشبوهة، بل تتسع لتشمل الحذر من مشاركة المعلومات الشخصية، وعدم التعامل مع مصادر غير موثوقة، وتجنب منح الصلاحيات الرقمية دون تدقيق.

الحملة استهدفت مختلف الفئات داخل المجتمع التعليمي، من طلاب وطالبات في المراحل الابتدائية والمتوسطة والثانوية، إلى الكوادر التعليمية والإدارية، حيث نُظمت ورش عمل تفاعلية ومحاضرات توعوية، بالإضافة إلى توزيع مواد مرئية ومطبوعة تُبسط مفاهيم الأمن الرقمي بلغة سهلة ومناسبة لكل الأعمار، وتم استخدام المنصات الرقمية لتوسيع دائرة التأثير، بما يشمل وسائل التواصل الاجتماعي والبريد الإلكتروني الرسمي التابع للإدارة.

وتأتي هذه الخطوة ضمن توجه أوسع في المملكة لتعزيز الأمن السيبراني كجزء من رؤية 2030، التي وضعت التحول الرقمي كأحد ركائزها الأساسية، فمع توسع استخدام الإنترنت في التعليم والعمل والخدمات الحكومية، تزايدت الحاجة إلى توعية النشء وعموم المجتمع بكيفية حماية أنفسهم ومعلوماتهم من التهديدات الإلكترونية، خصوصاً تلك التي تتسلل عبر أساليب هندسة اجتماعية متقدمة تُخفي نواياها الخبيثة خلف واجهات مألوفة.

مدير تعليم جازان، في تصريحات له، أكد على أهمية بناء حصانة فكرية ومهارية لدى النشء، موضحاً أن التقنية أداة بناء وتطور، لكنها قد تتحول إلى وسيلة تهديد إذا لم نمتلك أدوات الحماية المناسبة، وأشار إلى أن الحملة لا تهدف إلى تخويف الطلاب من الإنترنت، بل إلى تأهيلهم لاستخدامه بذكاء ومسؤولية، مما يخلق بيئة تعليمية آمنة ومستدامة رقمياً.

وقد لاقت المبادرة تفاعلاً إيجابياً من المجتمع التعليمي في جازان، حيث عبّر العديد من أولياء الأمور والمعلمين عن تقديرهم للجهود المبذولة في توعية الطلاب والطالبات، معتبرين أن هذه الحملات لا تقل أهمية عن المناهج التعليمية، خاصة في هذا العصر الرقمي الذي أصبحت فيه الحماية المعلوماتية ضرورة لا رفاهية.

من جانبه، أكد قسم تقنية المعلومات بتعليم جازان أن المبادرة ستستمر على مدار العام الدراسي، مع تحديث مستمر للمحتوى التوعوي وتوسيع نطاق الشراكات مع جهات مختصة في الأمن السيبراني، سواء من القطاع الحكومي أو الخاص، وأوضح أن الخطة تتضمن إطلاق مسابقات ومبادرات طلابية لتعزيز المشاركة الفاعلة، وتحفيز الإبداع في إنتاج محتوى توعوي من داخل البيئة المدرسية نفسها.

وفي ظل التحديات المتزايدة التي يشهدها العالم الرقمي، تُشكل مبادرات مثل "لا تفتح لهم باب" خط الدفاع الأول ضد محاولات التسلل إلى البيانات والمعلومات الحساسة، فهي لا تحصّن الأنظمة فقط، بل تبدأ بتحصين العقول، انطلاقاً من المدرسة، المكان الذي يتشكل فيه وعي الجيل الجديد.