في إطار الجهود المستمرة التي تبذلها المملكة العربية السعودية لتعزيز منظومة الحج والارتقاء بالخدمات المقدمة لضيوف الرحمن، أعلن معالي وزير الحج والعمرة الدكتور توفيق بن فوزان الربيعة عن سلسلة من التطورات التقنية والتنظيمية المهمة التي تم إدخالها على منظومة خدمات الحج لموسم هذا العام، وذلك خلال كلمته التي ألقاها ضمن فعاليات المؤتمر الصحفي الحكومي الذي عقد في العاصمة الرياض.
وأشار معالي الوزير إلى أن تطبيق "نسك"، الذي يمثل منصة رقمية متكاملة لتيسير إجراءات الحج والعمرة، قد شهد هذا العام إضافة أكثر من ثلاثين خدمة جديدة، صُمّمت بعناية لتسهيل رحلة الحجاج وتحسين جودة تجربتهم، ضمن إطار التحول الرقمي الذي تقوده الوزارة انسجامًا مع رؤية المملكة 2030، وتهدف هذه الخدمات إلى تمكين الحجاج من الحصول على معلومات دقيقة وخدمات فورية تشمل حجوزات النقل والإقامة، المساعدة الفورية، الإرشاد المكاني، وتنبيهات ذكية تساعدهم في أداء مناسكهم بسهولة ويسر.
وأكد الدكتور الربيعة أن الاستعدادات لموسم حج عام 1446هـ قد بدأت مباشرة بعد نهاية موسم حج 1445هـ، مشيرًا إلى أن هذا النهج الاستباقي يعكس مدى التزام الوزارة بالتخطيط المبكر وحرصها على التحسين المستمر في تقديم خدمات ذات جودة عالية، تواكب تطلعات ضيوف الرحمن وتُعلي من مكانة المملكة في خدمة الحجاج والمعتمرين.
وأوضح معاليه أن هذه الاستعدادات شملت تسليم وثيقة الترتيبات الأولية إلى كافة الدول التي ترسل حجاجًا إلى المملكة، وهي وثيقة شاملة تتضمن الخطوط العريضة للسياسات والإجراءات التي تنظم عملية استقبال الحجاج وتقديم الخدمات لهم خلال إقامتهم في الأراضي المقدسة، وتُعد هذه الوثيقة أحد أهم الأدوات التي تضمن التنسيق المسبق وتوحيد الجهود بين وزارة الحج والعمرة والجهات المعنية في الدول الإسلامية.
ولضمان تنفيذ هذه الترتيبات بكفاءة عالية، أفاد الوزير بأنه تم عقد 78 اجتماعًا تحضيريًا موسعًا مع مكاتب شؤون الحجاج من مختلف الدول، وهو عدد غير مسبوق يعكس مدى الجدية والاهتمام الذي توليه الوزارة لمأسسة العلاقات التعاونية مع مختلف الشركاء الدوليين، وقد أسهمت هذه الاجتماعات في رفع مستوى الجاهزية، وتبادل الخبرات، ومناقشة التفاصيل التنظيمية واللوجستية، ما ساعد على خلق بيئة عمل مشتركة قائمة على الشفافية والتكامل.
وفي سياق متصل، أشار الدكتور الربيعة إلى أن المملكة نظمت في شهر يناير الماضي أكبر مؤتمر ومعرض متخصص في تاريخ خدمات الحج، والذي ضم تحت مظلته عشرات الجهات الحكومية والخاصة ذات العلاقة بمنظومة الحج، وقد شكّل هذا الحدث منصة عالمية لعرض أبرز الابتكارات والتقنيات الحديثة التي تُستخدم في خدمة الحجاج، بالإضافة إلى كونه فرصة لتعزيز التعاون وتوقيع الشراكات الاستراتيجية التي تُسهم في تطوير قطاع الحج والعمرة.
وقد أفضى هذا المؤتمر النوعي إلى توقيع أكثر من 670 اتفاقية ومذكرة تفاهم بين مختلف الأطراف المعنية، تشمل شركات النقل، والخدمات الطبية، والتغذية، والإسكان، والحلول التقنية، ما يعكس حجم الاستثمارات التي تُضخّ سنويًا في سبيل تحسين تجربة الحج وجعلها أكثر أمانًا وتنظيمًا وراحة، وتضمنت هذه الاتفاقيات آليات تعاون جديدة تهدف إلى رفع كفاءة التشغيل، وتوفير خدمات أكثر مرونة وشمولية، واستيعاب الأعداد المتزايدة من الحجاج.
وأشار الوزير إلى أن هذه الإنجازات تأتي ضمن مساعي الوزارة لتوظيف التقنية في إدارة أكبر تجمع بشري سنوي على مستوى العالم، موضحًا أن الخدمات الرقمية لم تعد خيارًا إضافيًا، بل أصبحت ركيزة أساسية في المنظومة التشغيلية، بدءًا من مرحلة التخطيط المسبق وحتى لحظة عودة الحاج إلى بلاده.
وأشاد الدكتور الربيعة بدور الجهات الحكومية والخاصة في إنجاح هذه الجهود، مؤكدًا أن التكامل بين مختلف الجهات هو مفتاح النجاح لأي موسم حج، كما أعرب عن فخره بالكوادر الوطنية التي أثبتت قدرتها على التعامل مع التحديات المختلفة، مؤكدًا أن الوزارة ستواصل الاستثمار في تدريب وتأهيل هذه الكفاءات، لتكون قادرة على مواكبة التطور وتقديم أفضل صورة للمملكة أمام العالم الإسلامي.
وفي ختام حديثه، أكد معاليه أن الوزارة ملتزمة بالعمل وفق أعلى المعايير الدولية، وتستند إلى إرث طويل من الخبرة والمعرفة، ما يجعلها في موقع الريادة عالميًا في مجال إدارة شؤون الحج والعمرة، وأوضح أن الطموحات لا تتوقف عند ما تم تحقيقه، بل هناك إصرار على التطوير المستمر وتحقيق المزيد من الإنجازات التي تصبّ في مصلحة ضيوف الرحمن.