تشهد أسواق الطاقة العالمية حراكاً متسارعاً في التعاملات المبكرة لجلسة اليوم الأربعاء، حيث سجلت أسعار النفط ارتفاعاً ملحوظاً عقب قرار واشنطن الاستراتيجي بمنع شركة شيفرون العملاقة من تصدير النفط الخام من فنزويلا بموجب ترخيص جديد، وهو القرار الذي أثار مخاوف المستثمرين حول احتمالية تقلص المعروض النفطي العالمي في الأسواق الدولية، خاصة مع التوترات الجيوسياسية المتصاعدة في منطقة أمريكا اللاتينية والعقوبات الاقتصادية المفروضة على كراكاس، مما دفع المتداولين إلى إعادة تقييم توقعاتهم بشأن توازن العرض والطلب في الأشهر المقبلة والبحث عن بدائل لتعويض النقص المحتمل في الإمدادات.
حققت العقود الآجلة لخام برنت مكاسب قوية بنسبة 0.73 بالمئة لتصل إلى مستوى 64.56 دولاراً للبرميل الواحد، فيما سجل خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي ارتفاعاً أكبر بنسبة 0.8 بالمئة ليستقر عند 61.38 دولاراً للبرميل، وتعكس هذه الأرقام حالة من التفاؤل الحذر في الأسواق النفطية التي تتأثر بشكل مباشر بالقرارات السياسية والاقتصادية للقوى العظمى، كما تشير إلى استمرار حساسية المتداولين للأخبار المتعلقة بالإمدادات النفطية من المناطق المنتجة الرئيسية، خاصة تلك التي تشهد توترات سياسية أو خضوعاً لعقوبات دولية قد تؤثر على قدرتها الإنتاجية أو التصديرية.
وكشفت مصادر مطلعة لوكالة رويترز عن تفاصيل مهمة حول القرار الأمريكي، حيث أوضحت أن إدارة الرئيس الأمريكي أصدرت ترخيصاً محدوداً جديداً لشركة شيفرون يسمح لها بالاحتفاظ بأصولها الاستثمارية في فنزويلا دون السماح لها بتصدير النفط أو توسيع أنشطتها التشغيلية هناك، وهو ما يعني استمرار القيود على تدفق النفط الفنزويلي إلى الأسواق العالمية رغم وجود الشركة الأمريكية في البلاد، ويأتي هذا القرار في إطار استراتيجية واشنطن للضغط على حكومة نيكولاس مادورو من خلال الحد من عائدات النفط التي تشكل شريان الحياة للاقتصاد الفنزويلي، مما يضع المزيد من الضغوط على النظام الحاكم في كراكاس ويحد من قدرته على المناورة في الساحة الدولية.
ونجحت مكاسب اليوم في تعويض معظم الخسائر التي شهدتها الأسعار أمس الثلاثاء عندما انخفضت بنسبة واحد بالمئة عند الإغلاق، وذلك عقب ظهور مؤشرات على إحراز تقدم محدود في الجولة الخامسة من المحادثات النووية بين إيران والولايات المتحدة، حيث تترقب الأسواق بحذر أي تطورات إيجابية قد تفضي إلى رفع العقوبات عن طهران وعودة النفط الإيراني إلى الأسواق العالمية بكميات كبيرة، وتقدر التقارير أن إيران تملك احتياطيات نفطية ضخمة معطلة بسبب العقوبات قد تصل إلى عدة ملايين من البراميل يومياً، مما يعني أن أي اتفاق نووي قد يؤدي إلى زيادة المعروض العالمي بشكل كبير ويضغط على الأسعار هبوطياً، لذلك يتابع المستثمرون هذه المحادثات بعناية فائقة.
وتتجه الأنظار اليوم نحو الاجتماع الكامل المقرر لمنظمة البلدان المصدرة للبترول أوبك وحلفائها المعروفين باسم أوبك بلس، والذي يعقد في ظل ظروف معقدة تتطلب توازناً دقيقاً بين الحفاظ على استقرار الأسعار ومراعاة احتياجات الأسواق العالمية، ورغم أن التوقعات تشير إلى عدم حدوث تغييرات جذرية في السياسة الإنتاجية للمنظمة، إلا أن أي إشارات حول مستقبل مستويات الإنتاج أو تقييم المنظمة لحالة السوق ستكون محل اهتمام كبير من قبل المحللين والمستثمرين، خاصة في ظل التحديات الاقتصادية العالمية المستمرة والحاجة إلى إيجاد توازن بين مصالح الدول المنتجة والمستهلكة للنفط في ظل المتغيرات الجيوسياسية المتسارعة.