رواتب العمالة المساندة في السعودية
لتوثيق الأجور رسميًا.. اليوم تنطلق المرحلة الثالثة لتحويل رواتب العمالة المساندة في السعودية
كتب بواسطة: محمد الخوري |

بدأت اليوم رسميًا المرحلة الثالثة من خدمة تحويل رواتب العمالة المنزلية والعمالة المساندة في المملكة العربية السعودية، وهي خطوة جديدة تعكس التزام الدولة بتعزيز الشفافية المالية وحماية الحقوق التعاقدية بين أصحاب العمل والعمال، ضمن توجهات التطوير الشامل في سوق العمل المحلي.

تهدف هذه الخدمة إلى تنظيم عمليات دفع الأجور للعاملين والعاملات في المنازل بطريقة إلكترونية، بما يضمن التوثيق الكامل لكل عملية تحويل ويحد من النزاعات المتعلقة بالرواتب، خصوصًا في ظل تزايد الاعتماد على العمالة المساندة بمختلف فئاتها داخل الأسر السعودية.

وتأتي هذه المرحلة ضمن سلسلة من الإجراءات التي أطلقتها وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية بالتعاون مع مؤسسة النقد العربي السعودي "ساما"، لتمكين جميع الأطراف من تتبع العمليات المالية المرتبطة بعقود العمالة، وتوفير آليات واضحة للرقابة والامتثال.

من خلال هذه الخدمة، يُصبح من الممكن لأصحاب العمل دفع الرواتب شهريًا عبر محافظ إلكترونية أو حسابات مصرفية، وهو ما يسهل عملية التوثيق ويمنح العمالة ضمانًا قانونيًا لأجورهم، ما يقلل من حالات التأخير أو الانقطاع غير المبرر في صرف المستحقات.

وتستهدف المرحلة الحالية فئات جديدة من العمالة لم تكن مشمولة من قبل، لتغطي شريحة واسعة من العاملين، بما فيهم السائقون الخاصون، والمربيات، وعمال النظافة، ومقدمو الرعاية، وغيرهم من العاملين الذين يشكلون جزءًا مهمًا من الحياة اليومية في المجتمع.

اعتماد الخدمة في هذه المرحلة يعني أنه على صاحب العمل الالتزام بفتح محفظة إلكترونية أو حساب للعمالة المسجلة لديه، وربط عملية الدفع بعقد العمل الموثق على منصة "مساند"، ما يضمن التزامًا أكبر بين الطرفين ويعزز من مصداقية العلاقة التعاقدية.

ويُعد هذا التحول خطوة مهمة في مسار الحوكمة المالية لسوق العمل غير الرسمي، إذ ظلت أجور العمالة المنزلية لعقود طويلة تُدفع نقدًا، ما كان يفتح الباب أمام كثير من الإشكالات القانونية والعملية التي يصعب التحقق منها لاحقًا.

تواكب الخدمة الجديدة تطلعات "رؤية السعودية 2030" التي تركز على التحول الرقمي في القطاعات كافة، وتُعزز من ممارسات الشفافية والمساءلة، عبر إدخال أدوات التقنية المالية "فنتك" في تفاصيل الحياة اليومية وعلاقات العمل الخاصة.

ومن المتوقع أن تسهم هذه المرحلة في تقليص الشكاوى العمالية المرتبطة بعدم تسلّم الرواتب، إذ تُصبح كل عملية دفع موثقة إلكترونيًا ومرفقة بسجل زمني يُمكن الرجوع إليه عند الحاجة، ما يحقق حماية قانونية كاملة للعامل وصاحب العمل على حد سواء.

وقد تم تصميم النظام بما يُراعي خصوصية العلاقة الأسرية التي تربط العامل المنزلي بصاحب العمل، حيث لا يتطلب من العامل امتلاك حساب بنكي تقليدي، بل يمكنه استخدام محافظ إلكترونية مرخصة لتلقي مستحقاته وإدارتها بسهولة من خلال الهاتف المحمول.

تشير بيانات وزارة الموارد البشرية إلى أن عدد العمالة المنزلية في المملكة يتجاوز ثلاثة ملايين عامل وعاملة، ما يجعل من هذه الخدمة عنصرًا محوريًا في تنظيم شريحة واسعة من العمال داخل الاقتصاد الوطني، خصوصًا في ظل التوسع المستمر في استقدام العمالة.

كما تتضمن الخدمة خصائص إضافية مثل إرسال تنبيهات تلقائية عند موعد استحقاق الراتب، وإتاحة تقارير مالية دورية، وهو ما يُمكّن العائلات من تنظيم نفقاتها بشكل أكثر دقة ووضوحًا، ويخفف العبء الإداري عن كاهل أرباب الأسر.

ويُمكن لأصحاب العمل استخدام تطبيقات معتمدة من "ساما" لإتمام عمليات التحويل، مع إمكانية ربطها بأنظمة التوثيق المعتمدة من الوزارة، ما يجعل العملية متكاملة من الناحية التقنية والقانونية ويؤسس لمرحلة جديدة من الانضباط المالي في علاقات العمل الخاصة.

بهذا التوسع، ترسّخ السعودية نموذجًا حديثًا في إدارة العمالة المساندة، يرتكز على الشفافية والتوثيق والتكامل الرقمي، ويعزز صورة المملكة كدولة تضع حقوق الإنسان والعدالة التعاقدية في صميم سياساتها الإصلاحية، سواء في القطاع الحكومي أو في العلاقات الفردية داخل المجتمع.

الأكثر قراءة
آخر الاخبار