تعامد الشمس على الكعبة المشرفة في هذا اليوم.
حدث فلكي نادر يشهده الحرم المكي: تعامد الشمس على الكعبة المشرفة في هذا اليوم
كتب بواسطة: محمد سميح |

تستعد سماء مكة المكرمة يوم الثلاثاء القادم لاستقبال واحدة من أبرز الظواهر الفلكية التي تحظى باهتمام كبير من المهتمين بعلم الفلك والعامة على حد سواء، حيث تشهد الكعبة المشرفة تعامد الشمس عليها بشكل كامل، وهو الحدث الذي يتكرر مرتين في العام، ويُعد من العلامات الفلكية البارزة التي يستخدمها المسلمون في تحديد اتجاه القبلة في مختلف أنحاء العالم.

وبحسب ما أعلنته جمعية نور الفلك بمنطقة القصيم، فإن التعامد المنتظر سيحدث عند أذان الظهر في مكة المكرمة، تحديدًا في تمام الساعة 12:18 ظهرًا بتوقيت مكة المكرمة، حيث تتعامد أشعة الشمس بشكل مباشر على الكعبة المشرفة، ما يؤدي إلى اختفاء ظل الكعبة بشكل تام، في مشهد فريد يجذب أنظار المتابعين والباحثين والمهتمين.

وأكد رئيس الجمعية، عيسى الغفيلي، أن هذه الظاهرة تُعد من الظواهر الطبيعية الدقيقة، والتي تحدث نتيجة الحركة الظاهرية للشمس بين مداري السرطان والجدي، وأضاف أن التعامد يأتي نتيجة لوقوع الشمس في أقصى ارتفاع لها فوق أفق مكة المكرمة، ما يجعلها عمودية تمامًا على موقع الكعبة المشرفة، مشيرًا إلى أن هذا التعامد يُعد فرصة مثالية لتحديد القبلة بدقة من أي موقع على سطح الأرض.

وأوضح الغفيلي أن اللحظة الفلكية لتعامد الشمس على الكعبة تعني أن أي شخص في أي مكان بالعالم يمكنه تحديد اتجاه القبلة من خلال مراقبة الظل الخاص بأي جسم عمودي، مثل أعمدة الإنارة أو مآذن المساجد أو الأبراج، بحيث يكون اتجاه القبلة في الجهة المعاكسة تمامًا لاتجاه الظل في تلك اللحظة.

ويُستخدم تعامد الشمس على الكعبة منذ قرون كوسيلة لتحديد اتجاه القبلة، خصوصًا في الفترات التي لم تكن فيها الوسائل التقنية متاحة كما هو الحال اليوم، ولا تزال هذه الطريقة تستخدم حتى الآن من قبل المهتمين بعلم الفلك، والباحثين في التراث الإسلامي، وبعض الأفراد الذين يفضلون الطرق التقليدية لضبط القبلة في منازلهم أو مساجدهم أو الأماكن الجديدة التي ينتقلون إليها.

وتُعد هذه الظاهرة مناسبة لتأكيد دقة الاتجاهات في المساجد والمؤسسات التعليمية والدينية حول العالم، إذ يمكن مقارنة الاتجاه الحالي للقبلة مع الاتجاه الذي يُظهره تعامد الشمس، مما يساعد في تصحيح أي انحراف محتمل حدث خلال البناء أو التوجيه.

وتحدث هذه الظاهرة نتيجة لموقع الكعبة المشرفة الجغرافي، حيث تقع مكة المكرمة تقريبًا على خط عرض 21.4 درجة شمالًا، وهو ما يجعل الشمس تتعامد على الكعبة مرتين في العام، عندما تكون الشمس في انتقالها بين خط الاستواء ومدار السرطان في مايو، ثم في عودتها نحو خط الاستواء في يوليو.

وتكون هذه اللحظات تحديدًا مناسبة لرصد التعامد بالعين المجردة، بشرط وجود السماء الصافية وخلو الموقع من العوائق العالية التي قد تحجب ظل الأجسام، مما يتيح فرصة أكبر للاستفادة من هذه الظاهرة في تحديد القبلة.

وتحظى ظاهرة تعامد الشمس على الكعبة باهتمام واسع في الأوساط العلمية والدينية، حيث تنظم العديد من الجهات الفلكية والمراكز التعليمية ورش عمل ومحاضرات ميدانية في هذا التوقيت لتوعية الجمهور بأهمية الظاهرة وكيفية الاستفادة منها، فضلًا عن مشاركة صورها ومقاطعها المصورة على نطاق واسع في منصات التواصل الاجتماعي.

كما تشهد مواقع الإنترنت ومحركات البحث ارتفاعًا ملحوظًا في عمليات البحث المرتبطة بعبارات مثل تعامد الشمس، اتجاه القبلة، تحديد القبلة، الكعبة المشرفة، علم الفلك الإسلامي، ما يدل على حجم الاهتمام المتزايد من قبل الجمهور العام بهذه الظاهرة.

ودعت جمعية نور الفلك، عبر بياناتها التوعوية، المواطنين والمقيمين، وكذلك المسلمين حول العالم، إلى استثمار هذه اللحظة الفريدة من أجل التأكد من صحة اتجاهات القبلة في منازلهم أو أماكن عبادتهم، من خلال تجربة بسيطة لا تتطلب أكثر من جسم قائم ومكان مكشوف.

وأضافت أن هذه التجربة لا تقتصر على الأفراد فحسب، بل يمكن أن تُستخدم أيضًا من قبل المهندسين والمختصين في أعمال البناء والتخطيط لضبط اتجاهات القبلة في مشاريعهم العمرانية وفقًا للظروف الفلكية الدقيقة.

وتبقى ظاهرة تعامد الشمس على الكعبة المشرفة حدثًا تتلاقى فيه العلوم الطبيعية مع الروحانية، حيث يرى فيها البعض رسالة تذكير بعظمة الخالق ودقة خلقه، بينما ينظر إليها العلماء والفلكيون كفرصة فريدة لربط المعرفة الفلكية بحياة الناس اليومية، وتقديم تطبيق علمي مباشر يسهم في خدمة ملايين المسلمين حول العالم.